لمن تزعجه رسائلُ الأصدقاءِ الصباحيَّة!

هل من يتذمَّر من رسائلِ الصَّباح، الورود والشَّحاريرِ المغرِّدة والكلام الرَّائق؟ أقولُ لكم: أنا ممتنٌّ جدًّا لأصدقائي، ممتنّ على هذه النِّعمة أنَّ أحدًا يضعني في قائمةِ الأعزَّاء الذِّين يستحقون أن يقولَ لهم صباح الخير ومساء الخير!

لو عرفتم قيمةَ الأصدقاءِ الخيِّرين ما فرَّطتم فيهم طرفةَ عينٍ أبدًا. جاءَ عن جابر بن عبدِ الله الأنصاري أنَّه سمعَ رسولَ الله (صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّم) يقول: إن الرجل يقول في الجنَّة: ما فعلَ صديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم، فيقول الله: أخرجوا له صديقه إلى الجنَّة، فيقول من بقيَ في النَّار: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾. طوبى لمن كان له صديقٌ كريم يسأل عنه في الدّنيا ويشفع له في الآخرة، وربَّ واحدٍ من هؤلاء الأصدقاء يكون كذلك!

ممتنٌّ لهم في وقتٍ يتركك وينساك الأصدقاءُ القدامى، يأتي آخرون يملأون الفراغَ العاطفيّ. ممتنٌّ على هذه النِّعمة وعلى ثقةِ الأصدقاءِ بأني أحبّ أن أقرأَ رسائلهم ومراسلاتهم. عندي من الأصدقاء من لم أرهم منذ زمن، ثمَّ دون سابقِ علم تصل منهم رسالةُ ودّ في الصَّباح أو المساء فتعود بنا الذكرياتُ إلى ما فاتَ من زمان!

الحمدُ لله على حبِّ النَّاس الذين لا يطلبونَ ثمنًا لمحبتهم، وما أجمل أن تصلَ رسالةٌ تنقلنا من حالةِ ركودٍ في المشاعر إلى حالةِ نشاطٍ وحركة، وكفرٌ بالنعمة إذا لم يُحمد الله ويُشكر عليها. وردَ عن الإمامِ عليّ (عليه السَّلام): أشكر النَّاسِ أقنعهم، وأكفَرهم للنِّعمِ أجشَعهم.

عزيزي القارئ: لن أخفيكَ سرًّا، أنا ممتنٌّ لكلِّ الأصدقاءِ الذين يضعوني في ذاكرتهم، وإن في بضعِ كلمات، في باقةِ ورد، في تغريدةِ شحرورٍ جميل، في آيةٍ من آياتِ القرآنِ الكريم أو فقرة دعاء. قد تعتبرها بساطة لا داعي لها! نِعَم الله التي تبدو صغيرة في الخارج – وكل نِعَم الله كبيرة – ومنها الصّحبة الرَّاقية تكبر وتتكاثر وتصبح تلالًا وجبالًا من النِّعَم.

الامتنانُ للنَّاسِ منحدرٌ من الامتنانِ لله “من لم يشكر المنعمَ من المخلوقين لم يشكر اللهَ عزَّ وجل”. ومن نافلةِ القول أن الدِّراسات العلميَّة تقرر أن الأصدقاء والشعور بالصداقة سببٌ متينٌ من أسبابِ طولِ العمر. يقول المختصون: إن وجودَ الأصدقاء في حياتنا ينفع – على الأقلّ – في ثلاثةِ أمور:

أوَّلًا: الشعور بالانتماءِ وأنَّ الحياةَ لها هدف.

ثانيًا: الإحساس بالسَّعادة والتخلص من التوتر.

ثالثًا: زيادة الثقة بالنَّفس وقيمة الذَّات.



error: المحتوي محمي