نور في الكفن

ايُّ خطْبٍ تُـراهُ دهاكِ.. أمْ أيُّ عزمٍ عزمتِهِ !

هل هو الشوقُ لمنْ رحلوا ، قد فاضَ بكِ و أنساكِ

بناتك اللاتي ذُبْـنَ شوقاً لحضنِكِ الحاني و تقبيل يديْكِ

عزمتِ على الرحيلِ سِـرّاً ، لم تلتفتي خلفَكِ ، و سِرتِ قُدُماً ، و جعلتِ الموتَ غايتَكِ و مُناكِ

نحو من رحلوا سِرتِ و سُررتِ ، و بقينَ بناتُكِ يندِبْنَ لقياكِ

يرعبُني رحيلكَ على عجلٍ ! و اتعجّبُ من قولي : يرحمُكِ اللهُ ! فالعقلُ يأبى أنْ يصدِّقَهُ و القلبُ ينفطرُ لذكراكِ

كنتِ كما الأرضِ لنا ثابتةً و نحنُ كما الكواكبِ نحفُّ بكِ و نهواكِ

فكيف تزلزلتْ بنا الأرضُ بعد ثباتها ، و اندثرتِ الكواكبُ لفرقاكِ

لم أعرفْ كيف وقفتُ ثابتةً ، و جسمُكِ ممدّدٌ و السكونُ يغشاكِ

كنتِ كما النورِ في كفنٍ ، و نحنُ شموعٌ أطفأها توهُّجُ ضياكِ

قُبلةُ الجبينِ لم تكنْ كافيةً ، فرحتُ اقبِّلُ جسمَكِ الممدّدَ حتى قدميكِ

حُمِلْتِ على أكتافِ الرجالِ مودِّعةً ، و عيني تلاحقُ النعشَ و تــــتـمــلاّكِ

أيُعقلُ أنه حانَ رحيلُـكِ وبين القبور يكونُ ملفاكِ

أقمتُ صلاتي على جنازتِكِ ، وضوئي دموع عيني المنسكبةُ على فراقِ نَــداكِ

أُنزِلْتِ القبرَ ، و يا لها من لحظةٍ ، نزلتْ معكِ الروحُ ، فأنـى للقلبِ أن ينساكِ

وضعتُ يدي على القبرِ مرتِّلةً آياتِ ربي ، و دمعُ العينِ ينعاكِ



error: المحتوي محمي