عند تكليفي للتدريس بمدرسة (أسامة بن عمير) الإبتدائية بحي الكوثر بسيهات لهذا العام. لفت انتباهي وشدتني الحرفية التي يعمل بها حارس المدرسة/ فاضل أمويس. النظيف والأنيق في لباسه وزيّه.
فمع أيام العودة الحضورية للطلاب، وعند دخولي المدرسة باكراً لأكثر من مرة، وإذا بأبواب المدرسة مفتّحة، وهو جالس على طاولة الاستقبال وكل أدوات الاحترازات من كمامات ومعقمات ومناديل على الطاولة مصفوفة ومرتبة.
وما إن يدخل طالبٌ أو معلم إلا ويسلِّم عنه ويحييه ويرحب به بقلب منشرح ونفس طيبة.
وفي حين احتياج أي طالب من الصفوف الدنيا معرفة فصله إلا ويبادره ويأخذه بدفء حتى يدخله الفصل. ويرجع كارّاً لاستقبال آخر، وهكذا دواليك.
وما إن يجد أي طالب غير مرتدٍ كمامته إلا وذكّره بلطف أو أعطاه أخرى.
كل ذلك وكل حواسه على غرف الإدارة والمرشد الطلابي وغرفة المعلمين والساحة.
كنت أراقبه كيف يهيئ غرف المعلمين حسب الإجراءات الموصى بها، فكان دقيقاً بأدق التفاصيل.
وهنا بيت القصيد. فبعد عدة مشاهدات متعددة ومتكررة أثناء حركته وجلوسه. دار بيننا حديث شيّقٍ وراقٍ برقته ولطفه. فسألته عن نفسه. فعرّفني دون تبجّح ولا تفشخر.
فَعَرَفت أنه خريج الكلية التقنية واشتغل بعدة شركات، ويملك من الخبرة ما شاء الله.
وعَلِمت منه أنه قد سرّح هو ومجموعة من العمّال عندما كان بعض المسؤولين الأجانب بيدهم مقاليد الإدارة والتحكم في أكثر من شركة وشركة.
ولعلّ في ما قامت به وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من إحلال بالمناصب الإدارية والقيادية بشباب من أبناء الوطن في الآونة الأخيرة حدًا لهذه الظاهرة التي سمعنا عنها وتكررت كثيراً.
فسألته. وهل تنوي ترك وظيفتك الحالية والالتحاق بشركة ووظيفة تناسب شهادتك وخبراتك؟ فقال لا.
قلت له ولماذا؟ فشرح لي ارتياحه بهذه الوظيفة، كون جوّها جواً علمياً، وقريبة من البيت، وتتيح له فرصة الالتقاء بأفراد أسرته، وأنّ هذه الوظيفة تتيح له فرصة الزراعة ومساعدة والده في تربية الأغنام، وأنّ فارق الراتب الذي سيحصل عليه قد لا يفرق كثيراً عن هذه المهنة. وأنه يعيش بين إدارة وزملاء غاية في الرقي والاحترام، ويشعر بذاته بينهم، وهذا يعني له الكثير.
ومن ناحية أخرى وجدت أنّ إدارة المدرسة والزملاء يعاملونه برقي كبير واحترام، كما قامت إدارة المدرسة بتكريمه لجهوده المتميزة وإخلاصه وتفانيه بالعمل.
هذا الحارس تراه أثناء انتهاء الدوام المدرسي يتحرك مع الطلاب ويسلمهم إلى أولياء أمورهم بحرص كبير. ويتأكد من خروج جميع الطلبة ويغلق الأبواب بكل مسؤولية عالية.
بكل صدق وأمانة يمثل هذا الحارس المهني في وظيفته، كل أشكال الإدارة الحية بروحه ونفسه وطيبه ومسؤوليته.
فهنيئاً لطاقم المدرسة وأولياء الأمور أن أولادهم في أمانته ورعايته.
نعم أنا أتعلم منه حس المسؤولية، وتقديم دوره وعمله على أكمل وجه وإخلاص وإتقان.
أسأل الله تعالى أن يجد جزاء وصنيع عمله في الدنيا والآخرة إنه ولي التوفيق والسداد.