في ذمة الله تمضي الروح والجسد
إلى الحياة التي من أجلها نلدُ
كم يعتري الموتُ أرواحًا وما غربتْ
عنّا فضائلهم حتّى وإنْ لُحِدوا
باقٍ على وجعِ الدنيا تفارقني
أُمّي وبسمتها الدنيا وما تلدُ
تمزَّقَ الموتُ حتى صرتُ معتقدا
أنْ ليسَ في دمهِ حزن ومُعْتَقَدُ
يا أمُّ هذا رحيلٌ من مفاصلنا
في كل ثانيةٍ نمضي لِمَنْ نفدُ
أماهُ كمْ غاب عني نبض أوردتي
وكم تُمَزَّقُ في اضلاعيَ الكبدُ
وكم سأعبرُ..، ما تاهتْ مسافتنا
ولا انقضى بيننا وحيٌ ولا مُدَدُ
قد نور اللهُ قبرًا تسكنينِ بهِ
ففاح عطرًا نقيَّ العودِ يتقدُ
حييتًُ وجهكِ إيمانًا بتضحيةٍ
مُذْ كنتُ حلمًا برحم الغيب ينعقد
ما إن تُمَدّد في عينيكِ ذاكرتي
حتى ألملمُ من عينيكِ مَنْ فقدوا
إنا إلى الله.. إنا راجعون له
نمضي.. فيبقى إلهٌ واحدٌ صمدُ
ليتَ الحياةَ على الأكوانِ باقية
وليتَ في موتنا يبقى لنا جسد
إنا إلى الله عدنا حيث خلقتنا
في عمقهِا الحقُّ.. إنا فيه نعتقدُ
أماهُ يا أنجما في كل ساحتنا
ردي فحرُّ دمي بالدمعِ يَبْتَرِدُ
إني لأحسدُ قبرًا مذ نزلتِ به
قد صار روضًا مع الأنوار يتحد
لم تحمل البغضَ، أو غلًا على أحدٍ
وليس في قلبها حقدٌ ولا حسدُ
أما الحنانُ فبعض من طبائعها
وهي “الحنونُ” به تزهو وتنفرد
واللهِ ما كنتُ أقوى أن أفارقها
فكنتُ نعيًا طريَّ العود يرتعدُ
حييتُ قبركِ يا أمي ويا وطني
منكِ الحياةُ، ومنكِ العزُّ والبلدُ
عدا الفراق على قلبي ليفجعني
في عمقه يتخطى اللوم من رقدوا
فهل تنام على قلبي مواجعه
والروح يبكي عليها الطائرُ الغَرِدُ
يا أمُّ مهلاً.. ومنكِ الروح تسمعني
فيكِ المدى أخضرٌ يمشي ويحتشد
يا أمُّ مهلاً.. فهذا الليل نجمتنا
وهذه الأرض ضمَّتْ مؤمنًا يفِد
ناحتْ بقلبي دموع الحزن في كفنٍ
إذ غاب عني حبيبٌ..ليس يبتعدُ
ينسابُ في دمكِ الماضي بتربته
صوتُ الحياةِ، وأحلام ومعتقدُ
وأنتِ.. أنتِ بكاءٌ ظل متصلًا
على الحسينِ بنبض القلب ما يجدُ
ودعتها والفراق المر يقتلني
فكيف عنها سأنأى أو سأبتعد
وكلما جئتُ مفجوعًا أودعها
يخونني الصبرُ فيما شئتُ والجلدُ
نما الوداعُ رياحينا بمبسمها
وانساب ينهل مما قد سقته يدُ