الطبيعة نعمة من نعم الله عز وجل على الإنسان تمدنا بالطاقة والغذاء والدفء، والغذاء الطبيعي سر من أسرار العافية ودوام الصحة وسعادة الحياة، كما أن الغذاء الطبيعي هو دواء، ويمثل حماية وقائية من أمراض مختلفة. وقد جعل الله من النباتات مصدر غذاء لا غنى عنه وجعل فيها مزيجًا من المواد الشافية قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: ١٦٨].
والغذاء من أهم مقومات الحياة إذ لا يستطيع الإنسان أن يعيش من دونه فهو عنصر النمو والطاقة ويحفظ الجسم من الأمراض، ويغنيه عن الدواء، فمن يأكل من الطبيعة كانت له دواء نافعًا وصحة دائمة، ولكن ماذا عن هذا الغذاء وكيفية اختياره وتأثيره وما مدى ارتباطه بالصحة؟
قد يتساءل البعض: أيهما أهم الغذاء أم الدواء؟ والجواب هو أن هاتين السلعتين قد تكونان أهم ما يحتاجه الإنسان، فإذا انعدم الغذاء لا ينفع الدواء. الغذاء في أبسط تعريف له، هو كل ما يتناوله الكائن الحي، ويتحول بعد هضمه إلى مواد بسيطة تمد الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة. أما الدواء فيمكننا تعريفه بأنه مادة يتم تناولها؛ لتحقيق أهداف علاجية أو وقائية أو تشخيصية.
إن الحديث عن النباتات والأعشاب الطبية والعطرية يجذب كثيرًا من الناس ولا لوم لهم في ذلك، كونها ساعدت على شفاء كثير من الأمراض.
هل الأدوية التي يتعاطاها المرضى هي العلاج الأمثل المعروف حتى الآن أم هناك بدائل علاجية متوفرة في الطبيعة ينبغي علينا اللجوء إليها؟
هناك عدد من النباتات والأعشاب ثبت أنها مفيدة لعلاج الأمراض، بل إن بعضها أمكنها معالجة بعض الأمراض التي عجز الطب الحديث عن علاجها، أو ربما أخذت وقتًا طويلًا في علاجها. هناك العديد من الوسائل الطبية الطبيعية التي ساعدت على مواجهة الأمراض وأعراضها المختلفة، كما ساعدت في حالات دقيقة على معالجتها، فقد ثبت أن النباتات والأعشاب الطبيعية هي أساس علوم الطب والنبات والكيمياء الحيوية، أمكن التيقن من فوائد بعضها طبيًا والتعرف على ما بها من مركبات ذات فائدة ومعرفة خصائصها ؛ ومن ثم فإن لديها القدرة على تعويض النواقص الفسيولوجية، وفي علاجات العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، فلماذا نتجاهلها؟! وحتى يتم تقوية الجسم ضد هذا المرض أو ذاك فلا بد من إمداده بالمواد التي فقدها خلال فترة المرض، ويمكن للنباتات القيام بذلك الدور بفضل تركيبها الطبيعي. ولجميع أنواع النباتات والأعشاب خصائص خاصة بها سواء من الناحية الغذائية أو العلاجية أو مجالات الاستفادة الصناعية من ثمارها أو أوراقها أو أزهارها أو بذورها أو أجزائها المختلفة، فثمار الأرض أحد المناجم الضرورية للصحة، ورافد أساسي من روافد الغذاء الطبيعي، تظل الأصح والأسلم لصحة الإنسان، وليس من الغريب أن يشهد الطب الحديث هذه العودة إلى صيدلية الطبيعة، كون العلاج الطبيعي يتيح للجسم بناء ذاته بعيدًا عن أية مضاعفات قد تكون سلبية.
ولأن الغذاء هو الدواء، فإننا لم نكتف بالتوقف عند العلاجات الطبيعية التي تتكون من النباتات والأعشاب الطبية، بل حاولنا استخدام ما يمكن استخدامه من خيرات الطبيعة التي خلقها الله عز وجل لننعم بها.
هناك فئات كبيرة من المرضى يفضلون العلاج بالطب الطبيعي ويلجأون إلى الوصفات الشعبية لمعظم الأمراض الشائعة مثل آلام البطن والإمساك والسكري والربو والكحة والبهاق. لجوء البعض إلى استعمال النباتات والأعشاب الطبية أمر يطول. قد يفيد البعض منها لنجاعتها وفعاليتها العلاجية؛ ولكن كثيرًا منها لها تأثيرات ضارة؛ لعدم الإلمام بأمور منها: مقدار الجرعة العلاجية، فهناك عدد قليل من الأطباء الشعبيين الملمين بأمور التداوي بالأعشاب. ودرجة النقاوة. وهل تتوفر أدلة علمية وليس فقط روايات شخصية تؤيد المزاعم؟ والوصفات السرية، فلو أن علاجًا عجيبًا تم اكتشافه لمرض معين لكان ذكر خبره الكثير من وسائل الإعلام. وقد يحدث تفاعل مع الأدوية المصنعة التي يتعاطاها المريض مسببة مشاكل صحية خطيرة. والحذر من استعمالها للفئات الحساسة كالنساء الحوامل والأطفال وكبار السن. والاستخدام السيئ للأعشاب والمرتبط غالبًا بالدجل والشعوذة.
هناك نباتات كثيرة لها فوائد غذائية وطبية جمة لكن عدم معرفة الناس بها يحرمهم من التمتع بفوائدها، بل قد يتخوف البعض من تناولها لأن بعضها سام ويمكن أن تشكل خطرًا على حياة الإنسان.
لو تتبع كل شخص ما ينصح به أصحاب نظرية العودة إلى الطبيعة، لما احتجنا إلى العدد الضخم من المشافي والمستشفيات ومن الوصفات الطبية الدوائية.
إذن؛ حين نتعامل مع الطبيعة، فإننا لا نتعامل مع كومة حبوب ومحاصيل زراعية، وإنما مع مركبات معقدة يتعدى تأثيرها الغذائي إلى علاج أمراضنا ودرء الأخطار عن أجسامنا.
لقد كان الناس فيما مضى من أجيال يعتمدون على الطبيعة وحدها فيما يأكلون ويشربون، كما يعتمدون عليها في علاج أمراضهم، وعندما جاءت الأدوية الكيميائية وقعنا في براثن المرض، وأفسدت أجسامنا وحرمتنا من وسائل الدفاع. لقد كان أجدادنا الأوائل يعيشون على الطبيعة فيها الدواء وفيها الشفاء، كنز دوائي رخيص الثمن، منحتنا الطبيعة إياه لأنه الأصل في بقائنا.
ستظل الطبيعة هي الأم الأولى للبشر، وهي ملاذهم الأخير عندما يعجز الطب الحديث عن المواجهة. إنك تستطيع الحصول على صحتك من غذائك، انتخب التغذية التي تقودك إلى النشاط والحيوية، وأيقن أنها هي التغذية المتفوقة.
وأخيرًا، قد خلصت التقارير العلمية الحديثة إلى أن الأدوية الكيميائية إن شفت عرضًا لكنها لا تشفي مرضًا، لذلك تحولت الأمراض إلى أمراض مزمنة، وظهر الاتجاه القوي نحو العودة للطبيعة.
منصور الصلبوخ – أخصائي تغذية وملوثات