من تاروت.. رسومات زهرة آل درويش تتزين بتوقيع مؤدي شخصيات «سبيس تون».. ظروفها أبعدتها عن الدراسة.. وتحدت ظروفها بالفرشة والألوان

عشقت الريشة والألوان والخطوط والقلم، وأبحرت في أعماق الطفولة والمغرمين بحبها، وجعلت للوحات بصمات خاصة من مبدعيها ووثقتها بحب، وبالعزيمة والإصرار والتمسك بتحقيق الأهداف وصلت للنجاح رغم العقبات والعراقيل، وواجهت كل ذلك بطموح وأحلام، ولم تكسرها أعاصير الإحباط والانكسارات، ولم تكن قناة “سبيس تون” مجرد قناة عربية مختصة في الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال تستمتع بلحظاتها وبعدها تكون في طي النسيان، بل احتوت الطفولة برسم الأنمي وأفلام الكرتون وأطربت محبي هذه الشخصيات بأعذب الذكريات، التي تجاوزت أكثر من عشرين عامًا، والأفلام الكرتونية بفترة السبعينيات.

ابنة جزيرة تاروت الفنانة زهرة سعيد آل درويش سردت حكايتها المليئة بالتحديات، حيث بدأت الرسم وهي في الثامنة من عمرها، عندما كانت تتابع بشغف أفلام الرسوم المتحركة التي تعرض على شاشة التلفاز، وبعدها تقوم برسم شخصيات الإنمي والرسوم المتحركة، ومن هنا اكتشفت امتلاكها موهبة الرسم.

ولدت “آل درويش” وسط عائلة أغلب أفرادها رسامون ولكنهم لم يستمروا في ذلك المجال باستثناء أختها التي استمرت وبرزت في هذا المجال، فكانت دائمًا تراقبها وتقلدها، ولاقت منها الثناء والتشجيع على الاستمرار.

ولاقت الدعم المعنوي من معلمات المرحلة الابتدائية والمتوسطة اللاتي كن يحثنها على المشاركة في المسابقات والاستمرارية، فحققت المركز الأول في مدرستها.

وبالنسبة للشخصيات التي تهوى رسمها فهي تهوى رسم شخصيات الإنمي والألعاب على وجه الخصوص، لأنها تحكي قصة ومُغامرة قد لا ينساها الكثير في طفولته أو في الوقت الحاضر، ومنها قصص أفلام الكارتون القديمة من زمن الطيبين كما تصفهم، فقد كانوا يتأثرون بها ويتعلمون، وكذلك الألعاب الإلكترونية التي أصبحت قصصها تنافس الأفلام السينمائية، والتي تجعلها تعيش تجربة لعب مُمتعة مُلهمة من خلالها تستطيع أن تُبدع في تنفيذ رسومات مُعبرة عن تلك المُغامرة أو القصة.

وذكرت آل درويش إن هناك بعض الرسومات المميزة والقريبة من قلبها حملت توقيعًا لشخصيات مُبدعة ومنها رسم مجموعة شخصيات إنمي عُرضت أعمالهم في قناة “سبيس تون” مُوقعة من الفنان ومؤلف الأغاني للأطفال طارق العربي طرقان وابنه محمد طارق العربي طرقان، وكذلك رسم إنمي “جزيرة الكنز ” وأبطالها جيم وجون سيلفر، ومجموعة القراصنة والشخصيات الأخرى، وبتوقيع من مؤدي الصوت وحيد جلال ومؤدي شارة البداية سامي كلارك.

وكان لشخصية دامبي ودايسكي وكوجي وماريا نصيب في لوحة رسمتها “آل درويش” للمسلسل الكارتوني “جراينديزر” الذي تم عرضه في عام 1975م، فقد وقع لها مؤدي شارة البداية سامي كلارك، وكذلك قامت برسم لعبة “ميتال غير رايزنج” وبتوقيع من مؤدي الصوت “Quinton flynn”.

ترى “آل درويش” أن التوقيع يُضفي قيمة مادية على العمل نفسه، واللقاء بحد ذاته بتلك الشخصيات المبدعة التي تركت وراءها طابعًا جميلًا في ذاكرة وقلوب المعجبين، فالتوقيع بالنسبة لها يعني أن هذا الشخص يتقبل العمل ويثبت ذلك بتوقيعه على تلك اللوحة، فكل هذا شهادة تعتز بها مما جعلها تُسافر لدولة الكويت أكثر من مرة لتلتقي بهذه الشخصيات من أجل التوقيع.

وحكت من بين المواقف التي أثرت في نفسها وجعلتها أكثر سعادة ومنحتها جُرعات من التفاؤل والتطوير؛ عندما اندهش الفنان سامي كلارك من تفاصيل لوحة شخصيات “جرايندايزر” ظنًا منه بالبداية أنها مطبوعة، حتى أوضحت له أنها هي التي قامت برسمها، فأبدى إعجابه الكبير بتفاصيلها.

وذات مرة طلب منها الممثل الأجنبي “Quinton Flynn” أن يحتفظ بالرسمة لنفسه وأصر في طلبه، لكنها اعتذرت له لأنها تحب أن تحتفظ بهذه الرسمة بتوقيعه لتبقى ذكرى تعتز بها.

ومن النصائح التي وجهت لها تذكر أن الفنان طارق العربي طرقان قال لها: “يجب الاستمرار فيما نحب ونهوى ونثبت وجودنا كهوية عربية أننا مبدعون في الرسم أو في أي مجال آخر”، وطلب منها أن تقوم برسم شخصية من شخصيات “سبيس تون” وفعلت ذلك.

مرت “آل درويش” بظروف خاصة من شأنها أن تمنعها من ممارسة الرسم، وواجهتها بقوة لكنها لم تتوقف عن ذلك رغم توقفها عن الدراسة بعد حصولها على شهادة التخرج من المرحلة المتوسطة، مبينة أنها ستستأنف الدراسة قريبًا للحصول على الشهادة الثانوية ومن ثم دخول الجامعة.

وعن طموحاتها، قالت لـ«القطيف اليوم» إنها تطمح في صنع قصص “المانغا” وإنمي مُحاكية لقصص عربية هادفة ومفيدة للكبار والصغار، كصناعة مُحتوى عربي بالتعاون مع شركات عالمية في عالم الإنمي، ذلك الفن الجميل الذي لديه محبيه ومعجبينه كما تراه.

ويعتبر توفير الوان الكوبيك الماركة ذات الجودة العالية من الصعوبات التي عانت منها “آل درويش” كثيرًا لغلو سعرها جدًا، فهي مشهورة باستخدامها لرسم الإنمي، والأكثر صعوبةً من ذلك إيجاد لون البشرة لرسم من ألوان الماركر، إضافةً للوضع المادي الذي يعيقها أحيانًا في توفير المال لشراء هذه الألوان.

“آل درويش” تمتلك الآن متجرًا إلكترونيًا يحتوي على إكسسوارات الإنمي والألعاب والأكواب والميداليات والملصقات لشخصيات الإنمي والرسوم الكارتونية، وأكثر الرسومات التي تطلب منها هي الشخصيات الكارتونية القديمة.

فن الإنمي بالنسبة لـ”آل درويش” فن جميل متنوع كما وصفته، وهي ترى أنه بدورهم كفنانين عرب يمكنهم صنع إبداع مختلف عن الجميع، لامتلاكهم طاقة وإبداعًا لا حدود له قد يفوق اليابانيين في صناعة تلك الإنمي وكل ما يحتاجونه هو الدعم المعنوي والمادي، لينكشف الجوهر المكنون الذي بداخلهم وتبني إبداعاتهم وإظهارها للعالم كله.




error: المحتوي محمي