نقطة التحوّل في حياتك قد تكون المرحلة الأصعب. لكن ما بعدها هو الأجمل! ما يحدث لك بعد أي موقف هو نقاط تتابعية لمنهجية تحوّل.
في كل حياة هناك نقاط عدة من التحوّل. إننا نريد أو علينا إنهاء مرحلة من مراحل الحياة والبدء بمرحلة أخرى. وأحيانًا تشكل الأزمات والانكسارات نقاط التحوّل.
يوسف أُلقي في الجُبِّ، وانتشله دلو، وبيع بثمن بخس، كل ذلك؛ ليكون عزيز مصر!
صفحة قاسية في كتاب أيامك. قد تكون مجرد تمهيد لأجمل صفحات حياتك!
{فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81].
لابدّ أنّك قد مررت على هذه الآية ولو لمرة واحدة؛ إذًا دعها لا تفارق ذاكرتك لتجدها تُزهر قلبك بالشكر عند كل ضيق وتُربّت على كتفيك بالحمد عند كل خسارة لأنك إن تأملت فيها جيدًا ستتيقن أن لا وجود للضيق أو الخسارة في قاموس من كانت تجارته مع الله عز وجل، وستتيقن أيضًا أن كل خسارة تشعر أنت بها هي في الحقيقة فوزٌ وفرج؛ لأن الله وحده من كان يعلم بمدى احتياجك أنت وضعفك فاختار رحمةً منه، أليست نقطة للتحوّل؟!
كل الأشياء الساقطة من يدي تبقى حيثُ سقطت، لا لوم لي بإفلاتها، هي لم تتمسك بي كفاية، الحياة باتت تحتاج شيئا من هذا الجحود، لتستمر! سجلها في قاموسك لبداية تحوّل!
هل تذكر نقطة التحوّل في حياتك؟ متى كانت؟ وكيف ابتدأت؟ ومع من كانت؟ هل تذكر تلك الأماكن الحلوة التاريخية المميزة التي شهدت هذا التحوّل بكل أبعادها وآثارها اللاحقة عليك؟ هل تذكر كيف كان رد فعلك حينها؟ وكيف كان تعاملك معها؟ وهل ما زلت تعيشها حتى الآن؟
تمضي الحياة كخط مستقيم لسنوات ربما، إلى أن تأتي تلك اللحظة التي تصنع فارقًا في حياتك، بل تعيد تشكيل حياتك من جديد، تعيد صنعك أنت نفسك، بها تكتشف ذاتك الحقيقية، تكتشف الكثير الذي لم تكن تنتبه إليه من قبل.
في حياة كل منّا هذه اللحظة، ربما لم تأتِ في حياتك بعد، لكنها ستحدث آجلًا أم عاجلًا؛ هكذا هي الحياة.
إن نقطة التحوّل القوية في حياة كل إنسان تأخذ شكلين؛ أولهما موقف عنيف يحدث صدمة تكون نتيجتها إما تغير إيجابي أو سلبي، وثانيهما فترة معينة في حياة الإنسان تكون نقطة تحوّل في حياته لكنه لا يشعر بذلك إلا بعد انقضائها.
بالنسبة لي نقطة التحوّل في حياتي كانت البدء في مجال نشر كتاباتي، والمشاركة في الأعمال التطوعية والتدريب، وأجمل ما فيها بالنسبة لي، هو أني اتبعت حدسي، وفعلت ما تُمليه عليّ نفسي، لم أهتم لآراء الآخرين، للوظيفة، لكثير من الأشياء تجاهلتها عمدًا، مقابل أن أكون الشخص الذي أريده. أن أكتب وأحاول حل مشاكل الناس وأشارك بالعمل الذي أريده وبالكيفية التي أريدها. ومنذ هذه اللحظة تغيرت أمور كثيرة جدًا في حياتي، للأفضل الحمد لله.
لولا نقطة التحوّل هذه لما كنت الشخص الذي أنا عليه الآن. تغييرات كثيرة حدثت في حياتي أكبر من أن تُختصر في مقال.
والإنسان لا يبقى على نفس الحال طوال حياته فدوام الحال من المحال كما نعلم فما هي نقطة التحوّل في حياتك التي غيرت من حياتك ونقلتك من حياة إلى حياة أخرى؟
هناك حكمة من تفرد كُل إنسان في إنسانيته، ولكن الفرق أن هناك من اكتشف تفرّده، وكثيرون لم يكتشفوا ذلك بعد. حينئذٍ يمكنك أن تكتشف بنفسك نقطة يمكن أن نطلق عليها نقطة التحوّل، فلا تعتقد أن نقطة التحوّل هي شيء من قبيل الحظ، وأن ضربة الحظ لم تأت بعد. فنقطة التحوّل هي نقطة تحوّل لتصحيح مسارنا في الدنيا وكل ما فيها.
نقطة التحوّل يجب أن تشمل تعاملنا مع أنفسنا كنفس وروح وجسم وعقل وفكر وأن تشمل علاقاتنا مع غيرنا حتى نصحح علاقاتنا بالخالق سبحانه وتعالى.
ونقطة التحوّل تعني تحمّل الأمانة التي أشفقت من حملها الجبال وحملها الإنسان؛ لأننا نمتاز عنهما بالعقل وغذاء العقل المعرفة ونقطة التحوّل تبدأ من عند الفرد بتصحيح مفاهيمه وذلك بزيادة معرفته واطلاعه وعمق تفكيره.
ختامًا؛ لا تتجاهل نقاط التحوّل التي تقودك إلى السعادة.