وداعًا أيها السمير

لم يجمعني به سوى مسجد ومجلس ذكر ومعرفة، هكذا أصف صداقتي بالراحل المرحوم المربي الفاضل، والصديق الرقيق، حسن العشرة، بشوش الوجه، دمث الخلق عبد الله الخميس أبا علي.

كانت اللقاءات في مسجد الإمام الحجة -عجل الله فرجه الشريف- قبل أكثر من 25 عامًا، بصحبة الأستاذ العلامة سماحة السيد هاشم الخباز -حفظه الله- تعالى مع ثلةٍ من المؤمنين الأخيار الذين كان يجمعني وإياهم ود الإيمان تارة وصلة المعرفة طورًا والعطاء أخرى.

كنا نتبادل زجاجات اللبن ممزوجة بالود والورد بعد صلاة المغرب كل عام في شهر الله المبارك لتبقى الصلة والرابطة القوية صامتة متينة.

كان رحمه الله ذا معرفة وعلى دراية متى يتكلم ولمن يقول ويكتب، فتراه قليلًا ما يحرك شفرة قلمه وكأنه مسؤول عن صدق الكلمة وتأثيرها، بعيدًا عن العراك فيما لا ثمرة فيه، ولي معه موقف حين كان يسأله أحد الشباب حول مسألة عقائدية عميقة، أجاب -رحمه الله- إجابة مبسطة بعيدة عن التفصيل، فقلت له: أنت تعرف أن الجواب يستدعي الكثير، فقال: يا سيدنا يجب أن تعرف من تخاطب وكيف؟

وهذا يدل على حكمة راجحة. بحجم علاقاته الواسعة والمتزنة تجد صداقته لثلة قليلة. أنت لا تملك إلا أن تحبه إذا عرفته لأنه أهلٌ للحب.

أذكره في مجالس التعزية للإمام الحسين عليه السلام في حسينية الخباز ومنزلنا وصولًا هادئًا راغبًا في الثواب من جهة والمعرفة من جهة أخرى بحيث لا يفوت الفرصة من اقتناص المعرفة من عالم أو كتاب ونقاش.

هكذا عرفته وهناك الكثير من الذكريات في محافل العلم والوصل والعطاء تضيق بسردها هذه العجالة، وإنما أسجل هذه الكلمات إيفاءً بحقه وتكريمًا لذكره وبقاءً لروحه.

رحمك الله أيها الطيب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظم.



error: المحتوي محمي