رجل من القطيف.. الأستاذ عبدالله خميس

لم أكن أتخيل أني سأكتب هذا المقال ولكنها الحياة ومصائب الدهر وفواجع الأقدار ولا نستطيع حيالها إلا الرضا بقضاء الله وقدره!

عرفت الأستاذ عبدالله خميس منذ ما يقرب من أحد عشر عامًا، كنت أتعامل معه كأب لم أشعر يومًا أنه المدير التعليمي، كنت أتعلم منه كل يوم درسًا جديدًا في الحياة، لم أكن أشعر بفارق أبدًا بين سعودي ومصري.

كنت أتعامل معه كطفل يمازح أباه، وكان دائمًا يبتسم في أشد اللحظات ألمًا، كان – رحمه الله – موسوعة من الثقافة والفكر والعلوم والإنسانية التي نفتقدها في حياتنا، كان دائمًا يعلمني في جميع المواقف ويقف بجانبي إذا وجدني مهزومًا مهمومًا، ويمازحني كثيرًا وإذا وجدني في ضائقة مادية قدم لي ما أحتاجه من مال ولم يكن يسألني متى أسدد الدين!

كان يعلمني دروسًا في الثقافة والإنسانية ويشتري لي الكتب لأطلع على الأدب السعودي، وكان يدعوني إلى مكتبته الضخمة التي تضم جميع الكتب في شتى العلوم والثقافات، ويقول لي إن القراءة هي الفرق بين الحياة والموت، وكان يخرج معي في المساء لكي يقلل من وحدتي وغربتي ويبتسم لي رغم مرارة الحياة!

تعلمت منه الكثير من خلال المواقف التي كنت أراها وأنا معه؛ كيف يتعامل مع الصدمات والمواقف الصعبة بصبر وجلد، كنت أرى في عينيه الشموخ والتواضع في آن واحد؛ كيف يجبر خاطر المسكين أو الضعيف وكيف يبتسم في أشد اللحظات ألمًا وكيف يعطي للفقراء بلا مقابل، إنني لم أر وجهًا للإنسانية مثل هذا الوجه على ما رأت عيني كان دائمًا يعلمني في تواضع شديد.

هو رجل بحجم إنسانية القطيف وأهلها، يكفي أنه إنسان في كل المواقف، كنت أشعر معه أنه أبي الثاني، كان يعلمني أن أبتسم ولا أقلق على شيء وأصبر على مصائب الحياة وعواصفها وتقلبات أخلاق البشر وأمزجتهم.

كان يحب المصريين حبًا جمًا، وكان يدافع دائمًا عن مصر وعن المصريين ومن حبه لمصر كان يتحدث معي باللهجة المصرية ويعلمني أشياء كثيرة عن مصر لم أكن أعرفها، كان موسوعة من الثقافة تمشي على الأرض.

رحم الله الأستاذ والمعلم والأب والفارس النبيل الأستاذ عبدالله خميس!




error: المحتوي محمي