في كل البدايات، يجب أن نقف ولو لحظات قليلة، احتراماً وإجلالاً لشخصيات عظيمة قدمت للإسلام وللإنسانية جمعاً، صوراً من القيم والتضحيات لا تمحوها السنون أو الدهور وارتبطت عظمتها وقداستها برسول الرحمة والإنسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ها نحن ندخل عاماً جديداً ولعلنا نسترجع ونستذكر ما نحن عليه، فكبيرنا وصغيرنا، شبابنا وشاباتنا، جميعنا نحضر المجالس الحسينية وفي كل أيام السنة، ويزداد حماس هذا الحضور والاشتياق إليه في أيام عاشوراء الحسين عليه السلام، وفي أيام ذكرى شهادة الأئمة الأطهار عليهم السلام، وهي الأيام والمناسبات المعروفة بتواريخها.
الجميع منا يسارع ويحرص أشد الحرص وبكل ما أوتي من قوة، على الذهاب مبكراً من أجل أن يحصل على مكان مناسب في مجالس الوعظ، وحتى يتمكن من الاستماع بتركيز ومشاهدة الشيخ أو الخطيب الحسيني عن قرب، وهو حاضر البصر والبصيرة، مركزاً بكل حواسه لينهل من العلوم ومن الدروس الدينية الموجهة في الوعظ والإرشاد، ويستفيد من الوقائع التاريخية، ومن كل كبيرة وصغيرة أتى بها الشارع المقدس فسرها وشرحها أهل البيت عليهم السلام.
ولكن السؤال المطروح؛ هل نحن طبّقنا تلك الدروس العظيمة، من قيم اجتماعية وأخلاق عالية، ومبادئ عليا نسير على نهجها في حياتنا لنعيش حياة كريمة ملؤها السعادة؟ أم نحن لا نطبق ما نعرفه وما نستمده من أخلاقيات أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
أليس في القول المأثور عن الإمام الصادق عليه السلام “كونوا لنا زينا … ولا تكونوا علينا شينا قولوا للناس حسنا وأحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول”.
وعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال: القول الحسن يثري المال وينمي الرزق وينسي فؤ الأجل ويحبب إلى الأهل ويدخل الجنة، وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قل خيراً تذكر بخير.
التواضع وأداء الأمانة والبر بالوالدين وصلة الرحم، وكف الألسن عن الناس واحترام الجار وعدم تعمّد مضايقته وللجيرة خصوصية كبرى فهي أكثر العلاقات الإنسانية تفاعلاً، ومعاودة المريض والصبر والتسامح وعدم الغضب وأن يكون الواحد منا قدوة حسنة يقتدي بها.
فأين نحن من أخلاق وسيرة سيدي ومولاي الإمام الحسين عليه السلام الذي جاهد ليصلح ويحافظ على القيم والمبادئ والأخلاق، الذي جاء به هذا الدين وبلغ به جده، خاتم الأنبياء والمرسلين النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
إذا عرفنا الإمام الحسين عليه السلام حق المعرفة، حياته، مسيرته، جهاده، أهدافه، تعامله بالحسنى وبالرفق واللين، من هنا سوف نتغير وسوف نبذل جهدنا في اتباع ذلك الأثر الطيب، وتطبيقه في حياتنا اليومية وسوف نكون بإذن الله نموذجاً متميزاً باخلاقنا، زينا على أئمتنا ولا شينا عليهم سلام الله عليهم أجمعين.
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}.
فهل نحن فاعلون؟