يأخذانك بالسنبوك لتبحر بعيدًا عن الفرضة، ويطرقان باب العشة، وباب حمام الباشا، والعين العودة، حتى وكأنك تعيش شخصية بطلها حيدر غالب الذي لم يتوقع أن تأخذه أحلامه ليصبح أحد نواخذة القطيف، وهو الذي شب نهامًا يصدح بمواويله في عرض البحر تشجيعًا لجزوى المركب.
رواية “لؤلؤة تاروت” للكاتبين منصور جعفر آل سيف، ونجيبة السيد علي، التي صدرت مؤخرًا عن دار “بسطة حسن” للنشر والتوزيع، وتقع في 307 صفحات، رواية فلكلورية شعبية إن صح التعبير بما تسلط الضوء عليه من حياة عاشها رجالات القطيف ونساؤها، من خلال الشخصيات التي عاشت ما بين 1930 وحتى 2020م، في قفزة تعمدها الكاتب ليروي أين وصل الحال بالنوخذة حيدر الذي اعتاد فلق المحار بحثًا عن اللؤلؤ، ليستمر به الحال مع أحفاده وفلقه ما بدواخلهم لاستخراج أفضل ما فيهم.
ومع كمية المسميات والأدوات المستخدمة في تلك الحقبة، وما بين المعلم، والنخال، والغاصة، أوضح الكاتب منصور جعفر آل سيف لـ «القطيف اليوم»، أنه وشريكته في الرواية السيدة نجيبة السيد علي لم يحرصا على الدقة في مقابل الخيال، قائلًا: “قرأنا وسألنا وتخيلنا الحالة وانطلقنا، وكان في بالنا أن نمزج بين الماضي والحاضر فجاءت الحداثة، ففتيات الجامعة يمثلن النصف الآخر من المجتمع الذي يشمل الإناث والذكور”.
وأضاف: “أما عن حجي حيدر أو النوخذة حيدر غالب، فهو واقعي لذلك الزمن لكنه ليس شخصية حقيقية أبدًا، والكاتب نادر سفرة لا هو أنا وليس الأخت نجيبة قطعًا، لكن نشأتي في تاروت كونها مسقط رأسي، وعشت فيها طفولتي ومن ثم قلعتها وشوارعها وزرانيقها وعبقها ماثلة في ذهني، والأخت نجيبة جاءت إليها ومشت في طرقها وحتى صعدت قلعتها ودخلت عينها وبيوتها، فخلقنا هذا المزيج من الشخصيات التي عشتموها في الرواية”.
وبين “آل سيف” سبب اختياره “بسطة حسن” كدار لنشر الرواية، قائلًا: “أنا أراهن عليها، فهي ناشئة واعدة”، واعدًا أن “لا تكون “لؤلؤة تاروت” هي الأخيرة في كتاباتنا الثنائية، فبعض الروايات تجاوزت الطبعات الأربع أو الخمس في بعضها، مما ينبئنا عن التقبل، فلن نتوقف وإن تجمدنا أحيانًا فلدينا الكثير إن شاء الله”.
من جانبه، تحدث حسن آل حمادة، مدير دار “بسطة حسن” عن الخطوات الأولى مشيرًا إلى أن “الاتفاق كان أن تكون الطباعة مناصفة بين الناشر والروائيين، لكن بعد قراءة الرواية للمرة الثانية من قبلي وتفاعلي مع أحداثها وشخوصها، تقمصت دور القارئ لا الناشر ووجدت الرواية قريبة لقلبي، كونها تنطلق من بيئة محلية، فتصورت حالي وأنا أعيش بين البحر والبيئة الزراعية والموال، فقلت: إنها عمل لا ينبغي أن أتنازل عنه، وحسمت الأمر بتبني طباعته على حساب الدار، والحمد لله، فمبيعات الرواية عالية والطلب عليها لم يتوقف لغاية هذا اللحظة”.
وتابع: “لم تكن لديّ ملاحظات، فقد وجدت العمل جميلًا وصالحًا للنشر، كما وصلني، رغم وجود ملاحظات نقدية أحتفظ بها، وبطبيعة الحال، فلا تخلو أي رواية من استحسان لبعض أحداثها وتحفظ على بعضها، لكن الاختلاف قليلًا كان حول اللوحات المستخدمة في الغلاف، ثم حسمت الأمر ليتوافق مع رغبتي، وذوق المصمم القدير الفنان محمد آل حريز، واقترحت إضافة لوحة مختلفة في الغلاف الخلفي، لإعطاء القارئ صورة عن تاروت القديمة بقلعتها الشامخة وعينها”.
وذكر “آل حمادة” أن لديه تجربة تتجاوز العقدين مع عالم النشر، فقد نشر مسبقًا جملة كتبًا له ولآخرين، بالتعاون مع ناشرين أو بشكل شخصي، وبعض هذه الكتب حققت مبيعات لا تحلم بها دور نشر عريقة، كما أن لديه أكثر من عشرة كتب صدرت عن “بسطة حسن”، وهي في مجالات متعددة في الفكر والتاريخ والأدب وكتب الأطفال، آخرها عمل جميل بعنوان “جُسيم” للكاتبة حميدة آل عبد الله تحكي فيه عن وباء “كوفيد 19” وجاء باللغتين العربية والإنجليزية لترقى بذائقة الأطفال وتضاعف حصيلتهم اللغوية والثقافية.