حينما نسمع بموت أحدهم يتبادر إلى أذهاننا هل هو شاب أم رجل عجوز؟ كم طفلًا عنده؟ كيف مات؟ هل هو من أثرياء المنطقة أو من وجهاء المجتمع؟
لكننا لا نفكر في أغلب الأحوال في كيفية التزوّد لهذا السفر الطويل، ويغيب عن أذهاننا أننا نستطيع أن نتملّك كل شيء ما عدا أيام عمرنا.
حياتنا ملك لله تعالى، ولكن لا تنتهي حياة المؤمن بمجرد شهادة وفاة مختومة فالبشرى للمؤمن ساعة موته حينما يتجسد حبّ محمد وآله في ساعة احتضاره.
ورد في الروايات الشريفة: “لو أنّ رجلًا أحبّ شيئًا ولو حجرًا لحشره الله معه” لذلك فإن المُحب يدور حول محبوبه إذا كان حبّه حبًّا حقيقيًا غير زائف وإذا كان حبّنا لمحمد وآله لا يعلوه الرياء لابد أن يكون عملنا نتاج هذا الحب. أما إذا اتسخت دنيانا بشتى ألوان الشوائب فلا مبرر لادعائنا لهذا الحب. ويمتلك صفات المُحب الحقيقي أولياءُ الله في أرضه.
لاشك أن لله تعالى في عالمنا البشري أولياء، وأحباء له تعالى وأصفياء، وهم غير معروفين عندنا لأنهم أزالوا الحُجب بينهم وبين الله تعالى فأقام الله تعالى حجابًا بينهم وبين الناس. قد تكون أنت ولي الله وقد يكون زميلك في العمل، إنّ ولي الله مرتبط بخالقه قريب جدًا من الله تعالى، همّه الوصول لمرضاة خالقه في علاقاته بالناس وفي عمله ومع أسرته، يكلفه ذلك الشيء الكثير من الصبر والحكمة والحلم وترويض الذات. وهو في حرب دائمة مع النفس والهوى حتى يصل لمرتبة (ولي الله).
يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: 34].
أولياء الله تعالى بيننا، يقيمون في مساكنٍ يغشاها نور الله، نحن لا نعلم عنهم شيئًا ولكن بركَاتهم تملأ الأرض، أخفاهم الله تعالى عنّا تربية لنا وتهذيبًا لأرواحنا حتى لا نجرؤ على تسفيه فقير أو نحطّ من قيمة إنسان لا نعرفه جيدًا؛ بل نتعامل بالحسنى والسيرة الحسنة مع جميع الناس سواسية.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “قال الله عز وجل: من أهان لي وليًا فقد أرصد لمحاربتي وما تقرب إلي عبد بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته، وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن موت المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته”.
نحن جميعًا عباد الله تعالى نتشارك في الشمس والهواء والأرض وفي التراب الذي خلقنا منه فهنيئًا لكل إنسان بخاتمة أيامه.