رحم الله أمي وأمهاتكم، كان العشرة مواليد شيئًا معتادًا وكذلك العمل في الدار ومعونة الزوج، لكن صدقوني لم يكن ذلك هيِّنًا عليهن. واليوم عن الأمس ليس ببعيد! إذًا كيف تنجب المرأة وتربي أكثر من اثنين أو ثلاثة أطفال وهي تخرج من المنزل مع شروقِ الشَّمس وتعود بعد الغروب، والزوج كذلك؟
نشر في دراسةٍ حديثة “أن معدل المواليد العالمي آخذٌ في الانخفاض. لكن لم يعد هذا شيئًا جديدًا، إذ أنه في حالةِ انخفاض منذ عام ١٩٥٠م، وفقًا للبيانات التي يجمعها مكتب المراجع السكانيَّة غير الربحي والذي يتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرًّا له. لكن الانخفاض في السَّنوات الأخيرة كان صارخًا بشكلٍ خاص، ففي عام ٢٠٢١م بلغ معدل الخصوبة العالمي ٢،٣ مولود لكل امرأة، مقابل ٣،٢ مولود في عام ١٩٩٠م”.
في الحقيقة، ليس من الصعب تخيل حصول هذا عندنا، حيث جيل العشرة والاثني عشر مولودًا لم يعد له وجود. وسبب تردد العوائل في تكوين أسرةٍ كبيرة، في حال عمل الزوج والزوجة أصبحَ أكثر وضوحًا من أيّ وقتٍ مضى. وما تأخر سنوات الزواج والإنجاب إلا دليل آخر على تحول الأسرة من كبيرةٍ إلى أسرةٍ تربي بين طفلٍ وثلاثة في الحدِّ الأعلى.
إن كان العامل الاقتصادي اليوم هو الأكثر ضغطًا في تقليل عدد الأطفال، فإن تربية الأطفال اليوم عمل شاقّ ويحتاج إلى ما نسميه “زاغر”، أي صبر وتحمل. فعندما يشعر الزوجان أن لديهمَا طاقة مالية وعاطفية، فما أجمل العشرة أطفال وأكثر. أما إذا كان المال والعاطفة والطاقة لا تسمح، فمن الأفضل أن تكون الأسرة أصغر.
لا أظن أن هناك رقمًا محددًا من الأطفال يجلب السَّعادة للوالدين، فكل بحسب قدرته ورغبته، لكن يبدو أننا نسير في ذلك الاتجاه وإن ببطء. فقط نظرة قريبة سوف نجد أن حجم الأسرة تقلص إلى النِّصف أو أقل منذ زمن أمهاتنا وآبائنا، وهو آخذ في التقلص أكثر عند أبنائنا وبناتنا.