الخوف من المجهول

الخوف هو العدو الأول للإنسان، الخوف غريزة الحياة، فمن أجل الحياة يجب أن نتحكم في الخوف.

قد لا يخاف الإنسان الواعي من الموت وهو أمر حتمي ولكنه قد يخاف مما بعد الموت! قد يخاف مما يعلم ومما لا يعرف!

الشجاع لا يخاف من الظلام ولكنه يخاف من المجهول، يخاف مما قد يقع في الظلام وما قد يصيبه بعيدًا عن رؤية نظره.

عند الهروب في الغابة من حيوان مفترس الذي يدفعك للهروب والنجاة هو الخوف ومن خاف سلم لكن الخوف إذا طغى يجعلك قيد الفتك عندما يلحق الحيوان المفترس فريسته غالبًا هو يسخر خوف الفريسة لصالحه وتقع الفريسة بين مخالبه بسبب الخوف والنظر إلى الوراء وتثبط من سرعتها كلما خافت من انقضاض المفترس عليها بينما المفترس دائمًا نظره إلى الأمام على الفريسة.

كذلك الإنسان إن سخر الخوف لصالحه سلم، والطالب إن خاف من مادة معينة فليسخر الخوف لصالحه قبل الاختبارات ويقرر هزيمة الخوف، ويكرس جهده للعمل والمذاكرة بنظام وعند الامتحان يترك كل شيء وراءه ويدخل بثقة في النفس ويوكل الأمر إلى الله أما إن غلبه الخوف حتى لو كان مذاكرًا تمام المذاكرة فسيغلبه خوفه وقد ينسى ما استذكره!

لاعب الكرة إن خاف من استلام الكرة فلن يستلمها جيدًا وسيضيع الفرصة على فريقه ويضيع الهدف!

وفي السباحة، كما أخبرني مدرب خبير بأن أكبر عامل للغرق هو الخوف لكن لو تمالك الغريق نفسه ورفع رأسه للسماء فبحركاته البسيطة وثقته بنفسه قد تقوده إلى شاطئ النجاة.

المريض إن غلبه الخوف من المرض سيكون عرضة للخوف المدمر الذي يدمر النفسية هو حابس لقوة المناعة ويحبس المريض في ظلمات الوهم فعليه أن يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب والمشافي والمعافي رب العالمين ويتيقن أن أمر الله كله خير في الصحة وفي المرض وفي أحسن الأحوال وفي أسوأها!

التائه في الصحراء يصيبه الخوف المدمر إلى نوبة الهلع وحالة الذعر فيرتفع عنده الضغط وتزداد ضربات القلب بشكل متسارع قد تمنعه من التفكير السليم بالنجاة فكل ما عليه هو الإيمان بالله والاسترخاء وأخذ نفس عميق وأن يعمل على سبيل النجاة والله سبحانه في الوجود.

الموظف إذا خاف من المدير سيدمره إشذا كان طاغيًا فليس هناك شيء يخسره الإنسان في الدنيا أعز من كرامته.

فهكذا تكون الحياة بتسخير غريزة الخوف في فن البقاء، وكما قال الإمام علي عليه السلام: إذا خفت من أمر فقع فيه.

الخوف غريزة فطرية وإنسانية لكن على الإنسان أن يسخرها لصالحه فإن سخرها نجا وإن استسلم لها غلبته وقادته إلى حيث لا يريد أن يكون.



error: المحتوي محمي