غذاء الروح

الحب حاجة فطرية داخل كل روح، يحتاجه كل إنسان ليقيم حياة سليمة، يسودها الاستقرار والراحة النفسية والسلام، لذلك مهم جداً أن يفهم الإنسان فلسفة الحب من العمق، حتى يفرق بينه وبين الحب السطحي الذي يملأ الدنيا.

ولو تأملنا الدين والحياة لوجدنا كلاً منهما يقوم على أساس الحب، فمن يحب العبادة بصدق سوف يتوجه قلبه لله تعالى أثناء تأدية تلك العبادة في كل مجالاتها المتنوعة، ومن يفعل الخير بحب صادق سوف يفعله بإخلاص وصدق نية لله تعالى بعيداً عن الرياء والتكبر والظلم، ومن يريد النجاح والصلاح لأسرته سيجعل مقياس التعامل والتربية لهم هو الحب والمشاعر الطيبة المنبثقة منه كالاهتمام والاحترام، وغض البصر عن زلات أفراد الأسرة.

ولذلك نجد الحب لا يقتصر في مفهومه وممارسته على بني البشر، فالحيوانات هي أيضاً تحمل مشاعر حب لبعضها البعض وإن اختلفت صور وطريقة التعبير لديها، ولهذا من قلة الوعي أن نحصر الحب في زاوية ضيقة، وهي زاوية الحب بين طرفين فقط، أو رسائل غزل، أو هدايا بين عشقين، أو نعتبر الحب أمر سخيف وهو للناس الضعفاء، وليس فيه سوى التعب والهم والغم.

فهذا المسمى إنما هو حب سطحي ينتهي من أول عاصفة صعوبات أو شدائد أو محن تحل بالإنسان، بعكس الحب الحقيقي الفطري، فهو صمام الأمان والدرع الواقية للإنسان لمواجهة تلك المحن والشدائد، بل هو الأكسجين الذي يتنفسه الإنسان ويجعله يشعر بوجوده وإنسانيته على هذه الدنيا، لهذا نحن نحتاج أن نفهم عمق الحب مع التحلي بالصبر والمثابرة في التدرب على تطبيق سياسة وقوانين الحب السليم، وذلك سواء في علاقتنا مع السماء أو في علاقتنا الاجتماعية بل في كل مجالات الحياة.

ففي الحبّ ليس ثمّة ماضٍ
‏ثمّة وقتٌ مضى وانتهى
‏وعشاقٌ تخلَّت عنهُمُ اللّهفة
‏على قارعة الوقت
فبذرة الحُب
‏إن لم تبذر بأرض صالحة لا تنبت
‏وإن نبتت لا تثبت
‏وإن ثبتت
‏لن تكون حُباً إلهياً
‏فالقلب مخزن بذور الُحب
‏ومسكن المحب
‏إن طهر
‏نبتت تلك البذرة الإلهية
‏وكشفت أسرارها المخفية
‏وفيوضاتها الربانية
‏بنفحات قدسية
‏لا شرقية ولا غربية
‏فأطهر وتطهر
‏فالحُب لا يكون إلا للطاهرين



error: المحتوي محمي