لديك موعد غدًا في عيادة الضغط والكلى، سوف أحضر عندك في الساعة السادسة والنصف، كوني مستعدة حتى لا نتأخر، سوف نعمل لك التحاليل المطلوبة ثم نذهب للعيادة، ولا تنسي أن تكوني صائمة؛ لأن تحليل السكر يحتاج الصيام.
هكذا كنت أخبر عمتي بمواعيدها في المستشفى، وفي العيادة أخبرنا الطبيب عن نتيجة التحليل أن وظائف الكلى بدأت أن ترتفع؛ لذا نصحها بأن تكون حذرة. وتطورت الحالة حتى أصبحت العمة لا تستطيع البلع.
رحلة المرض لازمت العمة منذ زمن مبكر حيث توفي زوجها وهي في ريعان شبابها في بداية الثلاثينات ومنذ ذلك اليوم والأمراض ترافقها فكانت رحلة شاقة متعبة أفقدتها حيويتها وبسمتها في أيامها الأخيرة؛ فأين تلك الضحكة غادرتها؟
ذات يوم كنت أصرف لها العلاج فقالت الصيدلانية: إن مريضتكم تستخدم أدوية كثيرة، ووصفتها تحتاج وقتًا حتى يتم تحضيرها. انتظر بعض الدقائق. فقلت في نفسي: ساعدك الله على هذه الأدوية؛ إنسولين أدوية ضغط أدوية كوليسترول والقائمة تطول.
عمتي لها صراع مرير مع السكر فكم هي المرات التي يتغلب عليها ينخفض ويرتفع، تتغير الأدوية تتغير جرعات الإنسولين، أراد السكر أن يبطش بعينها ولكن الحمد لله نجت من هذه الهجمة المؤلمة.
قلت لكم هي رحلة شاقة متعبة، ولي وقفة سريعة في هذه الحادثة المؤلمة، أكتبها للأحبة القراء.
لا تهملوا صحتكم
أيها الأحبة فالصحة والعافية من أفضل النعم، فكما يقول الإمام علي (عليه السلام): العافية أهنى النعم. و(العافية أفضل اللباسين). و(لا لباس أجمل من العافية) (1).
إن المرض لا يتوقف عند حد معين بل يتطور ويفتك ببقية الأعضاء، رأيت أحد المرضى ممن يجري عملية غسيل كلى وقد قطعت رجلاه. والسبب يكمن في إهمال تنظيم السكر. أشفقت عليه وقلت له: اهتم بما بقي من صحتك. ظل صامتًا وكأنه يقول: ماذا بقي؟ غسيل كلى ثلاثة أيام ورجلان مقطوعتان!
جاءني أحد المرضى وهو في مقتبل العمر، وأخبرني أنه يعاني من مشاكل في الكلى، راجعت تحاليله فوجدته في دائرة الخطر، يتجه نحو غسيل الكلى، ولكن رأيت شيئًا آخر؛ المريض يعاني من ضعف في النظر، قلت له: ما هي أخبار نظرك
أجابني: ضعيف جدًا. ثم أكمل حديثه: إن كلامك عن الحمية سمعته منذ سنوات منذ بداية إصابتي بالسكر، وقد أخبرني الطبيب بمشاكله ولكني لم أتبع تعليماته وهذه هي النتيجة!
لذا أيها الأحبة اهتموا بصحتكم من حيث المتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج، واتباع الحمية المناسبة لصحتكم فكما يقول الإمام علي (عليه السلام): لا يجتمع الصحة والنهم (2).
رعاية الوالدين
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) – في قوله تعالى: {وبالوالدين إحسانًا}: الإحسان أن تحسن صحبتهما، وألا تكلفهما أن يسألاك شيئًا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين (3).
اغتنموا وجود الوالدين فهما نعمة وبركة، وفقدهما خسارة كبرى. عيشوا معهما في أفضل حال. اصنعوا لهما أجواء من السعادة. أجواء من الإيمان. اخلقوا لهم أجواء اجتماعية. زيارات متواصلة. وحثوا أبناءكم على احترامهما. وإياكم أن تجرحوا مشاعرهما بكلمة أو نظرة أو سلوك سيئ.
استعدوا
ونحن نودع العمة إلى مثواها الأخير تذكرت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبناء الأربعين زرع قد دنا حصاده، أبناء الخمسين ماذا قدمتم وماذا أخرتم؟! أبناء الستين هلموا إلى الحساب لا عذر لكم، أبناء السبعين عدوا أنفسكم من الموتى (4).
هذه هي النهاية، فهل نحن مستعدون لها؟! رحمك الله يا عمتي رحمة الأبرار وحشرك مع النبي محمد وآله الأطهار عليهم السلام
الهوامش:
(1) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2022
(2) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 1 – الصفحة 89
(3) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 3674
(4) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2116