المرشد الأسري شفيق آل سيف: نكران الطفل المعاق بين الوهم والحقيقة قد يتسبب في حرمانه من حقوقه

ذكر المرشد الأسري شفيق آل سيف أنّ من الأمور المستغربة في المجتمع التي لاحظها من خلال تجربته في متابعة الحالات على مدى سنوات طويلة أنّ بعض الآباء المتعلمين والمثقفين الذين لديهم ابن معاق ينكرون إعاقته ولا يتقبلونها، وبهذا الرفض يكونون سببًا في حرمانه من حقوقه المادية والاجتماعية والنفسية والصحية.

وقال آل سيف خلال محاضرة “الرعاية مسؤولية الجميع” التي قدّمها يوم الاثنين 6 ديسمبر 2021 عبر منصته في برنامج الزووم: “إنّ من أبسط حقوق المعاق هو تقبله في أسرته ومجتمعه، وإعطاؤه حقوقه في جميع جوانب الحياة، الصحية، والنفسية، والمادية، والتعليمية، والاجتماعية”.

وأضاف خلال المحاضرة التي أقيمت بالتزامن مع اليوم العالمي للإعاقة؛ أن هناك بعض الآباء يعيشون بين الوهم والحقيقة، فلا يُصدِّقون بل وينكرون حالة الطفل الصحية حتى وإن كانت هناك علامات تدل على إعاقته، مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة لابد من تقبّل الوالدين لهذا الطفل فإن تقبلهما له يعني أنّهما قد وضعا قدميهما على بداية الطريق الصحيح، فتقبّل الأمر الواقع دون إنكاره، أو دون الشعور بالسخط عليه؛ يؤدى في النهاية إلى رعاية هذا الطفل بطريقة سليمة، خاصة أنّ إنكار الواقع لن يغيره في النهاية.

وعرّف آل سيف الإعاقة بأنها تعني الإصابة بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم أو لفترة طويلة من العمر في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية تتسبب في عدم إمكانية تلبية متطلبات الحياة العادية من قبل الشخص المعاق واعتماده على غيره في تلبيتها، أو احتياجه لأداة خاصة تتطلب تدريبًا أو تأهيلًا خاصًا لحسن استخدامها.

وتحدث عن أهمية تثقيف الأسرة وتأهيلها لاحتضان الطفل المعاق وقبوله بينهم كفرد له حقوقه الإنسانية والمجتمعية، من خلال الرعاية والاهتمام والتأهيل والتدريب في المراكز الخاصة بالمعاقين التي أسستها المملكة من أجلهم، وعدم إغفال تقدير مستوى احتياج الطفل بمقدار مهاراته وقدراته المعرفية والحركية؛ ليكون فردًا قادرًا على خدمة نفسه.

وأوضح المرشد الأسري آل سيف أن نسبة الأشخاص من ذوي الإعاقة تُشكِّل 7.1% من إجمالي سكان المملكة، في حين تصل نسبة الإعاقة إلى 80% في الدول النامية و20% في الدول المتقدمة.

وذكر الأسباب المؤدية إلى الإعاقة ومنها؛ الاضطرابات الجينية إما بسبب وجود جينات موروثة من أحد الأبوين أو بسبب مؤثر خارجي، أو بعض الأمراض التي تصيب الأم أو التعرض للحوادث أثناء الحمل أو الولادة، مضيفًا أن بعضها تكون إعاقات مكتسبة ناجمة عن إصابة عمل أو حوادث التقدم في العمر وغيرها.

وأكد على أهمية التأهيل والتثقيف المسبق بدءًا من فترة الخطوبة؛ ليطّلع الزوجان على الأمراض الوراثية التي قد تصيب أطفالهما؛ كأمراض الدم، والصمم، والإعاقات السمعية وغيرها، مشددًا على ضرورة حضور الدورات التثقيفية والصحية في مرحلة الخطوبة ومصارحة كل من الخطيبين للآخر في كل الأمور المتعلقة بالصحة، والاهتمام في بداية مراحل الحمل الأولى تفاديًا لحدوث أي مشكلة صحية مستقبلية للطفل.

وتطرق إلى المعوقات التي تحول دون حصول المعاقين على حقوقهم في جميع جوانب حياتهم ولهذا تستمر معاناة الكثير من المعاقين بسبب التهميش، مبينًا أن هذا يعود في غالب الأحيان لأسباب اجتماعية؛ أهمها عدم وعي أفراد أسرة المعاق وعيًا كاملًا بحقوقه، ولاسيما الصحية منها وذلك لأسباب متعددة، منها عدم الفهم لطبيعة الإعاقة والخوف من التعامل معها أو الخجل من ظهورهم في المجتمع أو الفقر، وكذلك قلة إدراكهم لكيفية التعامل مع هذه الحالة والجهل بالدور المحدد للمنشآت الصحية.

ونوّه آل سيف بأن هناك أناسًا مبدعين وناجحين من ذوي الاحتياجات الخاصة وموجود الكثير منهم في المملكة، ولكن في الوقت ذاته الكثير منهم لديه بعض الخوف والرهبة ولا يرغب بالاختلاط بالآخرين، وأحيانًا المعاق نفسه يعاني من مشكلة سلوكية أو نفسية، فأي نظرة أو كلمة يتحسس منها ويراها كنوع من الشفقة، وقال: “احذروا طريقة التعامل معهم”.

وشدد على ضرورة الكشف والعلاج المبكر للطفل في حال اكتشاف أي نوع من أنواع الإعاقة، والبحث عن المراكز التأهيلية للإسراع في معالجة الأمر، مبينًا أنه كلما تأخر العلاج كلما تأخرت الحالة.

وأوضح أنّ المعاقين نوعان: الأول هو الإعاقة الذهنية والثاني هو الإعاقة الجسدية، ملفتًا إلى أن المعاق جسديًا لديه دماغ سليم وقادر على محاكاة الأمور بمنطق، ولكنه لديه مشكلة أخرى قد تكون في يده أو قدمه أو غيرها، أما أصحاب الإعاقة الذهنية فلديهم مشكلة بالتواصل، نتيجة قصور موجود في الدماغ.

وفي الختام، أكد أن المملكة ضمنت تقديم خدمات الرعاية الشاملة المقدمة لكل من هو بحاجة إلى الرعاية بحكم حالته الصحية ودرجة إعاقته أو بحكم وضعه الاجتماعي، وساهمت في توظيف الخدمات الطبية والاجتماعية والنفسية والتربوية والمهنية؛ لمساعدة المعاق في تحقيق أقصى درجة ممكنة من الفاعلية الوظيفية؛ بهدف تمكينه من التوافق مع متطلبات بيئته الطبيعية والاجتماعية، وتنمية قدراته للاعتماد على نفسه وجعله عضوًا منتجًا في المجتمع.



error: المحتوي محمي