ذكر الاختصاصي النفسي الإكلينيكي حسين آل ناصر، أن المجتمع يمكن أن يكون معيقًا للتطوع، عن طريق بعض الاعتقادات الخاطئة بأن التطوع مضيعة للوقت، وتدني مستوى ثقافة التطوع في المجتمع، وعدم تربية الأبناء على التطوع وتفضيل الوالدين أن يركز أبناؤهما على أمور حياتهم كالدراسة.
وأضاف “آل ناصر” أن من معوقات العمل التطوعي أيضًا؛ المتطوع نفسه، والمنظمة، فقد يهمل المتطوع مسئولياته، ويعتذر عن عدم الحضور لكون العمل تطوعيًا، وأحيانًا يتعارض وقت التطوع مع التزاماته، وهذا يندرج تحت تقصير المنظمة، فلابد للإدارة أن تضع خططًا بديلة واحتياطية لتفادي أي عائق، ولكي تنجح لا بد من التنظيم الجيد للأدوار، وألا يتم إرهاق المتطوع لكي ينتج بفاعلية أكبر، كما يجب وضع هدف للمنظمة يتعرف عليه المتطوع، وتحديد مجال المتطوع كلٍ بحسب مهمته (فني، كاتب، وغيرها من المهام)، وحسن اختيار المتطوع، وإتاحة فرص متكافئة للمتطوعين على ما يبذلونه من جهد.
جاء ذلك خلال الورشة التي قدمها “آل ناصر” عبر منصة “زووم” بعنوان “التطوع حياة”، باستضافة من جمعية العطاء بالقطيف، يوم الأحد ٥ ديسمبر ٢٠٢١م.
وبدأ “آل ناصر” المحاضرة بعده تساؤلات هي؛ كيف نجعل التطوع له قيمة في حياتنا؟ وهل التطوع مفيد؟ وهل نستفيد من التطوع في حياتنا؟ وهل يمكن أن يكون للتطوع حياة أخرى كالحياة الثرية؟ وهل تشكل جزءًا رئيسيًا أم ثانويًا؟
وأوضح أن الإنسان في تركيبته الربانية قادر على العطاء والإيثار وتقديم الآخرين على نفسه، مشيرًا إلى اختلاف الأسباب التي يتطوع الناس من أجلها، وهي إما أهداف شخصية مثل إرضاء الآخرين، أو أهداف دينية، أو أهداف اجتماعية.
ونوه إلى وجود دراسة اجتهد فيها سايندر وآخرون خلال ٢٠ عامًا في التطوع، ووجدوا أن هناك خمسة دوافع هي؛ القيم، والهم المجتمعي، والتقدير، والتطوير، فالقيم شيء شخصي واهتمام إنساني، حيث يشبع المتطوع حاجته الشخصية من خلال تطوعه، أما الهم المجتمعي فمثل له بتخطيط الشخص لجلسة عائلية يقودها هو، بالإضافة إلى أن التطوع يعزز تقدير الشخص لنفسه.
وشدد على أن المتطوعين الذين لديهم دوافع كتطوير الذات والفهم أكثر التزامًا بالعمل مع منظمة تطوعية، وكل المنظمات تحدد دوافع رئيسية للمتطوعين.
وتطرق إلى معززات العمل التطوعي وهي؛ نشر ثقافة التطوع في الجهات التعليمية بوضع خطة استراتيجية لها، ونشر إنجازاته بطرق مختلفة كالإعلام، ووسائل التواصل، وتوفير المواد اللازمة، وابتكار أساليب جديدة للعمل التطوعية.
وبيّن بعض أشكال التطوع ومنها؛ الافتراضي، فالعالم الافتراضي يقدم خدماته ويتخطى الجغرافيا، وهو مفتوح لتطوع الجميع، ويتسّم بسهولته ومرونته، ويستطيع أي شخص أن يتطوع بهذا الشكل، والنوع الثاني قصير وطويل الأمد، حيث يُشكل يومًا أو ساعة أو حتى دقيقة، والنوع الثالث هو اكتساب خبرة أو مهارة، حيث يكتسب الإنسان خبرة أو مهارات عالية تفيده في المستقبل.
واستعرض خصائص المتطوعين، لافتًا إلى أنهم فئات مختلفة عن المجتمع بما يملكون من طاقات جبارة في خدمة المجتمع، ولدى المتطوع دافع كبير للإنجاز فيما يحقق له مستوى عاليًا من الإنجاز، ومن سمات المتطوع أن لديه تَعاطُفًا جسديًا بنسبة عالية، حيث يتأثر بشكل واضح بالحالة الجسدية للآخرين، فيظهر دوره الفعَّال في التعاطف والمساندة، مشيرًا إلى أن الدراسات أثبتت أن النساء الأكثر تطوعًا من الرجال.
وقال إنه يجب إظهار الاحترام والثقة من قِبل المنظمة للمتطوعين سواء كانوا من جهة حكومية أو أي قطاع آخر، وذلك وفقًا للمبادئ السامية، ويشمل ذلك تقدير الجهود التي يبذلها المتطوع في سبيل الجهة المتطوع بها، والتقدير هُنا يكون بالكلمات وبشكل حسي ملموس يستشعره المتطوع، والترتيب المسبق للأدوار حتى لا يكون هناك خلل أثناء قيامه بدوره.
وتابع حديثه قائًلًا: يجب على الجهة المختصة وضع الشخص المناسب بالمكان المناسب الذي يليق بقدراته وإمكانياته، ومعرفة دوره وحقوقه في العمل التطوعي لكي تكون الصورة واضحة له في الأعمال التي يقوم بها، وتحديد الأدوار والمهام والساعات بما يتوافق مع مهنته خارج نطاق التطوع.
واختتم “آل ناصر” الورشة مؤكدًا أن التطوع حياة وسعادة وتفاؤل، وتحقيق أهداف، وتكوين صداقات، ويساعد على التخلص من اليأس والاكتئاب، فهو من ناحية نفسية يزيد الرضا عن الحياة، ويزيد الإحساس بالهوية، كما أنه يصقل المهارات الاجتماعية ومهارات اتخاذ القرار، ويجعل الصحة أفضل.