ما يعيق تحسين بيئة العمل

هناك العديد من العقبات التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي، مما يترتب عليه شعور العاملين بالقلق، وتنامي هذا الشعور في شكل سلوكيات محبطة يعتمد عليها بقاؤه واستمراره في العمل على مدى توافر فرص عمل في أماكن أخرى.

ويمكن تقسيم هذه العقبات التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي إلى معوقات إدارية، ومعوقات بشرية، ومعوقات فنية

أولًا: المعوقات الإدارية:
تقتصر أهم المعوقات الإدارية الرئيسية التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي في المؤسسات الخدمية على:

1- البيروقراطيات المتضخمة: أدى تضخم السلطة البيروقراطية وتركيزها على تنمية وتطوير وتوسيع نطاق سلطاتها وصلاحياتها وإمبراطورياتها ووقوفها حجرًا عثرة أمام كل من يريد أن يحدث نوعًا من التغيير أو التحديث، بل تعتبره متطفلًا يجب مقاومته وإيقافه عند حده، وقد أصبحت خدمة الثقافة البيروقراطية هي هدف تلك الإدارات، في حين أن الأهداف التي أنشئت من أجلها تلك الإدارات تعد أهدافًا ثانويةً.

2- تقادم وجمود الأنظمة واللوائح مما يترتب عليه الآتي: عدم القدرة على تسريع وتيرة عملية اتخاذ القرار، وتلبية متطلبات العمل. وكثرة التعديلات وتفسيرات الأنظمة واللوائح بشكل متتابع دون إبلاغ المسؤولين الآخرين بها، مما يجعلهم يتخذون قراراتهم بناءً على نصوص قديمة متجمدة. غموض بعض الأنظمة واللوائح بشكل يجعل القادة يجتهدون لتفسيرها، مما يقود للخطأ.

3- عدم ملاءمة بيئة العمل المادية: تشكل عدم ملاءمة درجة الإضاءة والضوضاء والرطوبة والحرارة، أو سوء تصميم المكاتب؛ عوائق مادية تشكل ضغوطًا على العاملين وتنفرهم من بيئة العمل، مما يجعلهم ينتظرون نهاية ساعات العمل والانصراف من هذه البيئة غير المساعدة على العمل والإنجاز (2). ويحصر أهم المعوقات الإدارية التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي فيما يلي: (انعدام تشجيع المؤسسة للعاملين). (سوء المناخ التنظيمي والانتقاد المبكر للأفكار الجديدة دون فحص نتائجها. (عدم المساواة في تقسيم العمل ومحاباة بعض العاملين دون الآخرين). (سيادة البيروقراطية والمركزية الشديدة). (ضعف ورداءة أنظمة الاتصالات). (استخدام أنماط قيادية مستبدة لا تشجع على المشاركة في اتخاذ القرارات) 3.

ثانيًا: المعوقات البشرية:
تقتصر أهم المعوقات البشرية التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي في المؤسسات الإدارية في الجانب الخدمي على:

(التشبع والوصول إلى حالة الاستغراق الزائد الذي يؤدي إلى نقص الوعي بحيثيات الوضع الراهن، (استعجال النتائج دون وجود القدرات والموارد الكافية لذلك). (التفكير النمطي المقيد بالعادة الذي لا يخرج عن المألوف. (الامتثال للمعايير السائدة في المجتمع والحذر من الخروج عليها خوفًا من التعرض للنقد أو الفشل). (عدم الحساسية تجاه المشكلات والشعور بالعجز عند مواجهتها والتغلب عليها) (4).

ويضيف (القحطاني، 2008) (5)، المعوقات البشرية التالية:
سيادة القيم والانتماءات الاجتماعية التي تفرض بعض التصرفات التي قد لا تتفق مع متطلبات العصر الحاضر كالوساطة والمحسوبية.

انخفاض كفاءة بعض الأعمال لعدة أسباب من أهمها: ضعف التأهيل العلمي لكثير من العاملين. وعدم وجود برامج تدريبية بشكل كاف مما يؤثر سلبًا على مستويات الأداء وشعور العمال بالضجر بسبب صعوبة العمل على العاملين غير المدربين مما يشكل ضغوط عمل إضافية عليهم تجعلهم يفكرون بترك العمل، لأن أعمال ومهام الأجهزة الإدارية لا تعتمد فقط على التعليم بل يشكل التدريب رافدًا مهمًا في تكوين شخصيات مناسبة. ونقص الخبرة: في الدول النامية لم يتم الاستفادة من الأفراد الذين ابتعثوا للخارج من أجل رفع مستوى خبراتهم العلمية في ظل جمود المنظمات المحلية.

(عدم رغبة العاملين في تطوير قدراتهم وتنمية مهاراتهم، إما لعدم رغبتهم في الانتقال من المنطقة من أجل التدريب، أو أسباب أخرى.

بينما يحصر (السويدان والعدلون، 2004) (6) المعوقات البشرية فيما يلي:
ضعف الملاحظة والنظرة السطحية للمشكلات والأمور المهمة. إصدار الأحكام المسبقة غير المدروسة وغير المتأنية على الأشخاص والمشكلات. اتباع عادات التفكير النمطية. القيود وقلة الحركة الفكرية.

ثالثًا: المعوقات الفنية:
تنحصر أهم المعوقات الفنية التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي في المنظمات الخدمية فيما يلي (7):
(عدم توافر نظم المعلومات الإدارية والنظم الخبيرة ونظم اتخاذ القرار ونظم دعم القرار في المجالات التدريبية والتأهيلية. (قلة التدريب اللازم لتأهيل منسوبي الأجهزة الإدارية على كيفية اتخاذ القرار المناسب لحل المشكلات الروتينية والطارئة، والتقدم بمقترحات عملية قابلة للتطبيق. (ضعف قدرة بعض منسوبي الأجهزة الإدارية في مواكبة التطور التقني والحضاري. (نقص القدرة على استخدام التقنيات الحديثة بسبب ضعف الإلمام باللغة الأجنبية). (تقادم بعض الأجهزة والمعدات المستخدمة عند جمع المعلومات والبيانات) (8).

وصعوبة نقل واستخدام التقنية الجديدة، نتيجة اعتقاد المديرين والمسؤولين أنها تحتاج إلى تدريب شاق ومستمر، وأن ذلك أصبح ضربًا من المستحيل على ذوي المستويات الوظيفية المتقدمة، أو على من لم يعتد عليها، أو على من تقدم به السن في ظل عدم توفر الوقت، أو صعوبة العمل على هذه التقنيات، فصاحب المستوى الوظيفي المرتفع يعتبر استخدام هذه التقنيات والعمل عليها تبديًدا للوقت، وهناك من يسخرها ويستخدمها نيابةً عنه. أما من لم يعتد عليها فيرى أن الفشل في استخدامها أقرب من تعلمها، ولا يرغب في إحراج نفسه بأنه فشل في العمل عليها، بينما يرى من تقدم به العمر أن التعليم في سن متأخرة لا يجدي لأنه أصبح غير صالح للتعلم (9).

يتضح مما سبق أن هناك بعض المعوقات الإدارية، والبشرية، والفنية التي تحول دون تحسين بيئة العمل الداخلية اللازمة لتحقيق الالتزام التنظيمي، من خلال الجمود وعدم المرونة في التنظيمات الإدارية، مع الحرص على ضمان البيروقراطية بمفهومها السلبي القائم على التحكم والاستبداد بالأمور، خاصةً في المؤسسات الخدمية التي تعتمد عليها في الضبط والربط والحزم، مما يجعل النمط القيادي الأوتوقراطي يسود عليها، وهذا ما يتعارض مع تحسين بيئة العمل الداخلية أو إعطاء المرؤوسين الحرية في مواجهة المشكلات التقليدية والحالات الطارئة في العمل دون العودة إلى المستويات الإدارية العليا، مما يترتب عليه إضاعة الوقت والجهد والإبداع والابتكار.

————-
الهوامش والمراجع:
* موضوع المقال مقتبس من كتاب “أثر الالتزام التنظيمي في تحسين بيئة العمل وضمان الجودة – دراسة تطبيقية على قطاع الخدمات” دكتور/ هاني آل غزوي
(1) القحطاني، سالم بن سعيد، 2008، “القيادة الإدارية: التحول من نموذج القيادي العالمي” مرامر للطباعة والتغليف، الطبعة الثانية، الرياض، ص 284-286
(2) حمزاوي، محمد، 2008، ” ثالإدارة العامة: الأسس والوظائف والاتجاهات الحديثة”، مطابع الحميضي، الطبعة السابعة، ص 105-106
(3) القريوتي، محمد 2000، “السلوك التنظيمي: دراسة السلوك الإنساني الفردي والجماعي في المنظمات المختلفة” دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان، الأردن، ص307-310
(4) جروان، فتحي عبد الرحمن، 2002، “الإبداع”، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ص 188-190
(5) القحطاني، سالم بن سعيد، 2008، “القيادة الإدارية: التحول من نموذج القيادي العالمي” مرامر للطباعة والتغليف، الطبعة الثانية، الرياض، ص 285-287
(6) السويداني، طارق محمد & العدلوني، محمد أكرم، 2004، “مبادئ الإبداع” قرطبة للنشر والتوزيع، الرياض، ص86
(7) المشاري، عبد الله بن سعد 2002، “معوقات التطور التنظيمي من وجهة نظر القيادات العليا والوسطى في شرطة منطقة الرياض ومكة المكرمة” رسالة ماجستير، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، ص 122
(8) البشيري، عبد الهادي بن معيض، 1998، “دور الحاسب الآلي في التطوير التنظيمي لتجربة الدوريات الأمنية” رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود، الرياض، ص 26
(9) القحطاني،سالم بن سعيد، 2008، “القيادة الإدارية: التحول من نموذج القيادي العالمي” مرامر للطباعة والتغليف، الطبعة الثانية، الرياض، ص 287


error: المحتوي محمي