حي الديرة التاريخي.. وخيارات الإصلاح والإنقاذ والإغاثة  

حي الديرة التاريخي في جزيرة تاروت الأم هو علامة تاريخية مهمة على مستوى المنطقة الشرقية، فهذا الحي الذي يزدان بقلعته التاريخية التي تحتضن العين النباعة المعروفة بالعين العودة (أي العين الكبيرة) التي كانت تروي كل جزيرة تاروت بسكانها وبساتينها طوال حقب ماضية، مازال هذا الحي الذي كان يضم السواد الأعظم من سكان جزيرة تاروت صامدًا أمام مختلف التحديات المختلفة. فالسكان مازالوا هم نفس السكان الذين كانوا من قبل وإن قل عددهم، ونبض الحياة اليومية به مازال أيضًا كما هو رغم ضعف وهجه والمنغصات التي بدأت تفتك بالحي.

خلال العشر سنوات الأخيرة يمكننا أن نلحظ قيام الأهالي بعدد من المبادرات لإعادة الوهج للحي وسكانه، لقد كانت معظم تلك المبادرات تتنوع ما بين إقامة مختلف الفعاليات التراثية الشعبية الخاصة بالمنطقة وبين إعادة بناء وترميم بعض المباني الآيلة للسقوط، لم تكن عملية إعادة البناء أو الترميم عملية سهلة، بل كانت دائمًا ما تصطدم من ضعف الإمكانيات المادية من جانب، ومن جانب آخر الإجراءات النظامية التي وصلت في بعض الحالات للقضاء الإداري فقط للحصول على عدم ممانعة من إعادة البناء. وخلال هذه المدة أيضًا يمكننا أن نلحظ أن مبادرات إعادة البناء والترميم التراثي غير المدعومة لم تحقق النجاح المطلوب إلا تلك التي تحول فيها نشاط/ الهدف من المبنى من سكني إلى تجاري أو أي نشاط غير ربحي.

أما جهود الأهالي التطوعية لترميم المباني القديمة فقد اصطدمت أيضًا بصخرة آراء الخبراء من أن عملية الترميم أو إعادة البناء في الحي على أسس صحيحة تحتاج أولًا لفحوص خاصة بالتربة ثم إلى تحديد واختيار الطريقة المناسبة لترميم المباني التراثية هذا يحتاج إلى إمكانيات أكبر من إمكانيات المتطوعين.

اليوم يواجه حي الديرة التاريخي سواء سكان أو مباني عدد من التحديات غير السهلة منها: تهالك شبكة المياه التي مضى على إنشائها أكثر من خمسين سنة وأصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا على المباني الحي الذي أصبح غير صالح للسكن والعدد في تزايد. هذا التهديد لا يفرق بين المباني التراثية والمباني غير التراثية أو القديمة أو المبنية حديثًا كما لا يفرق بين السكان القادرين على توفير سكن آخر وبين الذين لا حول لهم ولا قوة.

لقد كان لجمعية تاروت الخيرية وبحسب الإمكانيات المتاحة لديها دور مهم في تقديم المساعدات المختلفة لعدد من سكان المنازل التي تضررت بسبب تكرار حدوث الهبوط في التربة نتيجة تسرب مياه شبكة المياه مما يجعل في كل مرة عددًا من البيوت غير صالحة للسكن.

الجدير بالملاحظة هو أن الخيارات المتاحة حاليًا هي عرضة للتناقص وقد تكون غير متاحة إذا استمرت حالة المشاهدة والوقوف على التل، والمملكة لديها من الأطر الإدارية نماذج جاهزة بل تجارب في إدارة وتطوير المواقع التراثية أثبتت نجاحها وهي قابلة للاقتباس، لذا فإن الحلول الاستثنائية العاجلة لحي الديرة التاريخي هي القادرة على الحفاظ على فرادة حي الديرة التاريخي على مستوى المنطقة، بل هي القادرة على تطوير الحي بشكل يوازي تلك الأحياء والمدن التاريخية الأخرى في مناطق المملكة التي حظيت بالتطوير وأصبحت علامة بارزة على الخارطة التراثية للمملكة.



error: المحتوي محمي