الزخارف الجصية بالقطيف

تعتبر الزخارف الجصية القطيفية من أبرز المعالم المعمارية في المباني التاريخية، وتنقسم هذه الزخارف الجصية لعدة أنواع رئيسة؛ أولها الزخارف الجصية بأنواعها المربعة والمستطيلة والدائرية وتسمى بعدة مسميات (الشبابيك المخرمة المثقوبة القمرية الشمسية) والنوع الثاني الزخارف الجصية المصمتة غير نافذة وعادة يلصق وينقش الجص بالماء مباشرة على الجدار، والنوع الثالث الزخارف الشريطية عادة ما تكون مصمتة غير نافذة ولتسهيل مهمة تنفيذ الزخارف الشريطية تعمل قوالب لضمان تكراره بجودة عالية وإتقان كالمسننات والرمحية.

سنسلط الضوء في هذا المقال على الزخارف الجصية المتعارف عليها بالقطيف بمسمى (الشخاخيل أو الشبابيك) وأطلق عليها فنان العمارة الإسلامية في بعض البلدان الإسلامية (الشمسيات والقمريات)، وهذه الزخارف مادتها الأساسية مادة الجص والماء بنسب محددة، وحرفة النقش على الجص هي حرفة الأجداد وهي حرفة يدوية بامتياز، وهي نادرة، وبلغت أوج ازدهارها وانتشارها في نهاية القرن التاسع عشر مع بداية القرن العشرين الميلادي ، وتعتبر من أبرز الفنون اليدوية التي تشم وتفوح منها رائحة الأصالة وعبق التاريخ.

هذه الزخارف بمسمياتها المختلفة وأنواعها ومقاساتها المختلفة، لا تخلو منها دور العبادة كالمساجد والمآتم والمباني الرسمية والبيوت التاريخية الأثرية والحصون والبوابات الكبيرة بالقطيف، فضياء المكان من خلال أشكالها الزخرفية باختلاف أنواعها الهندسية والنباتية والخطية، تأخذك لعالم الهدوء والسكينة.

وحرص الحرفي النقاش على استخدام هذه الزخارف الجصية المثقبة داخل وخارج المباني لما لها من وظائف علمية من حيث تقليل وكسر حركة الرياح والأتربة عن داخل المبنى ، مع السماح باتصال الضوء المناسب مع جمال تبادل الضوء والظلمة متأثرة بأشكال زخرفية بديعة تسر عين الساكن والتي تتناسب مع طبيعة وسيكولوجية الإنسان .

ومن أمثلة تواجد الزخارف الجصية المفرغة في مباني وبيوت القطيف الأثرية؛ بيت (الدعلوج وخميس بن يوسف والبيات والمصطفى والجشي وأبو السعود والخنيزي والسني والحجاج والطريفي والفيحاني) المباني الدينية كالمساجد (الراجحية والسدرة والحريف والعابدات والزريب والبيات) وأما المآتم فـ(السدرة والزريب والبيات) وتميزت الزخارف بالقطيف بقوة المادة الجصية وذلك يعود لنوعية المادة الخام المصنع منها الجص وطريقة ووقت ومدة إعداد حرق الطين لاستخراج وإنتاج الجص مما جعل جص القطيف يُعد من أجود الأنواع وأقواها وأكثرها صلابة، وتتميز الزخارف الجصية بالقطيف أيضًا بتنوعها وغزارة الإنتاج وفرادة تصميمها وفي مقاساتها، وعرفت هذه المقاسات لدى الحرفيين (العمودية العرض 29 سم والارتفاع 42 سم)  (الأفقية العرض 80 سم والارتفاع 40 سم)، (الحزام الشريطي 25 سم) (السمك من 2 سم إلى 2،5 سم) محاطة بإطار 2 سم هذه المقاسات والفراغات المشطوفة تسمح بنفاذ الهواء والضوء من خلال سمك الجدار بسهولة.

وتعتبر الزخارف الجصية إحدى العناصر البارزة في المباني التقليدية الأثرية والتي تم توظيفها لإيجاد علاقة تجمع بين القيمة الجمالية والنفعية والإنشائية، فمن هذه الوظائف أيضًا منع القوارض والحشرات التي تتسلل من خارج المبنى إلى الداخل ، وتحقق أيضًا مبدأ أمنيًا يتعلق بحياة الإنسان ، ولها ميزة ترشيد كمية الضوء الداخل للمكان ، بالإضافة إلى الفائدة الإنشائية لتخفيف الأحمال على الأعمدة الحاملة للجدران والأقواس.

وكان ابتكار هذه الزخارف الجصية بدافع من الرغبة في تخفيف حدة الضوء في القصور والمباني الكبيرة ، التي شيدها المعماريون ثم استعملت في المباني الدينية كالمساجد ذات الصحن المفتوح ومن أمثلتها (الراجحية السدرة الجصاصة الحريف العابدات) وعرفت في بعض البلدان الإسلامية كاليمن والشام ومصر بمسميات كالقمرية إذا كانت مستديرة أو نصف دائرة وبعضها تُحلَّى بالزجاج الملون ، وإذا كانت غير مستديرة (مربعة، مستطيلة، مضلعة، تسمى الشمسية) وأما في القطيف فعرفت لدى المختصين والمهتمين بمسمى (الشخاخيل – الشبابيك).

حكايات يعرفها من مارسها أو شاهدها جدران شيدت بتعب أبنائها وعرقهم!

وهذه بعض أسماء الحرفيين الذين عملوا في مهنة البناء (الاستاد) فمنهم من توفاهم الله وهم:
الحاج علي بن حبيب الغانم
الحاج عبدالله بن حبيب الغانم
‏الحاج رضى حبيب ‏الغانم
الحاج حسن بن خميس
الحاج عبد الرسول اصباخ
الحاج سعود اصباخ
الحاج نعمة الطويل
الحاج أحمد السنان أبو مكي
الحاج عبدالله الجشي

ومنهم من مازال على قيد الحياة وهم:
الحاج عبدالرسول المصطفى
الحاج علي أحمد المصطفى
الحاج السيد هاشم العوامي
الحاج مهدي عبدالعال

بقايا قلعة!
تحكي لك بيوتها وسوابيطها وطرقاتها المسقوفة بجذوع النخل بالأصالة والشموخ وعمق الماضي والتي مازالت صامدة رغم مرور مئات السنين عليها.




error: المحتوي محمي