تعتبر الإجازة الصيفية للطلاب والمؤسسات التعليمية هذا العام أطول الإجازات السنوية على الإطلاق في تاريخ التعليم النظامي لبلادنا، وقد كان لطول الإجازة من وجهة نظر الكثيرين مبررات مشروعة لها علاقة بالأحوال الجوية، حيث تتجاوز درجة الحرارة في بعض المناطق أثناء فصل الصيف الخمسين مئوية إضافةً إلى عادات شهر رمضان وما يصاحبه من قضاء الليل إما في صلاة التراويح أو في التزاور وغير ذلك، مما جعل الدوام في رمضان يحتاج إلى تغيير بعض ما اعتدنا عليه تغييراً متأنيًا وليس مرة واحدة لأننا سوف نضطر بالتأكيد خلال عامين أو ثلاثة أو ربما عام واحد إلى الدراسة في رمضان حيث أخذ يقترب موعده من الأوقات التي يعتدل فيها الجو تقريبًا.
على أية حال سواء كانت الإجازة في رمضان أو بعده وخاصةً عندما تكون بهذه المدة الطويلة فلا ينبغي أبداً أن يكون قضاؤها دون تخطيط للاستفادة منها، خاصةً للطلاب الذين لا ينبغي أن تتوقف عملية تربيتهم ورعاية جوانب شخصيتهم المختلفة وخاصةً الصغار منهم طوال هذه المدة، بل يجب أن نعتني جميعًا بتنظيم هذا الوقت وإدارته بحيث يخصص فيه للترويح عن النفس بما في ذلك الرحلات التي ينبغي أن نحرص أن تكون للمعالم التاريخية والجغرافية في المملكة نصيب منها، وكذلك فليكن لزيارات الأهل والأقارب نصيب أيضًا، وكذلك ممارسة الألعاب والهوايات وتنمية المهارات الرياضية والاجتماعية لدى الشباب، ولكن الوقت بعد ذلك كله يظل فيه متسع ينبغي أن نوظفه فيما يجعل عملية التعلم عملية مستمرة، ولا أعني أن يكون تعليمًا بالمعنى التقليدي ولكن أعني البرامج الهادفة التي ينبغي زيادة أعدادها ونشرها في كافة المناطق مثل البرنامج الصيفي الذي ينفذ في أعداد قليلة من المدارس، وينفذ برامج تربوية واجتماعية وعلمية ينبغي أن يتاح حضورها لأكبر عدد ممكن من الطلاب وذلك بزيادة عددها والتعريف بها لأن بعض الطلاب والآباء لا يعلمون عنها، كما أن الأسرة مطالبة بوضع البدائل والحلول في غياب وجود برامج جماعية للطلاب في هذه الفترة، حيث من الممكن أن يشجع الأبناء على القراءة ومكافأتهم على ذلك أو تكليفهم ببعض الأعمال البسيطة والواجبات ليعتادوا تحمل المسؤولية وتنظيم الوقت ويتدربوا على مهارات التواصل والاتصال مع الآخرين.. ثم لماذا يكون تنظيم البرامج التربوية وغيرها حصراً على المدارس والجامعات التي تتحمل هذا العبء طوال العام.. ولماذا لا تشارك في ذلك الجمعيات الخيرية ولجان الأحياء ولجان التنمية الاجتماعية والأندية الأدبية والرياضية في مكان آخر غير المدرسة ليتعرف الطلاب على مؤسسات المجتمع الأخرى وليعيشوا في بيئة جديدة غير تلك التي يعيشون فيها طوال العام.. ربما هناك غيري قادرون على اقتراح بدائل أفضل وأنفع.. المهم أن تظل علاقة أبنائنا بالعملية التربوية متصلة لا تقطعها الإجازات الطويلة مستقبلاً.