ظلامٌ حالك، غيوم متلبّدة، السكون يعم المكان عدا حفيف الشجر وصوت كالريح التي تعصف في ذهني كما تعصف المشاعر في قلبي الذي انهكته المعارك التي كان بغنى عنها طوال الأربعة عقود الماضية. لطالما كنت أرغب أن انسحب وفي كل مرة أقول لا بأس عليك يا قلبي هذه المرة فقط حاول، اغفر، سامح، تجاوز وبالفعل كنت ولكن للأسف كنت أمر دون أن أطهّر روحي!
وهذا حال الكثيرين غيري للأسف فنحن كبشر ندخل في علاقات بشرية بعضها قد يتصف بالسُمية دون أن نعي ذلك ونتغذى على علاقات مليئة بالطاقة السلبية أيضًا دون إدراك منا. قد تكون علاقتنا مع البعض متوترة لسبب أو لآخر كأن يكون مختلفًا من ناحية التفكير ولا يروق لنا سلوكه ومع ذلك نأتي على أنفسنا ونتظاهر بأن الأمور بخير.
الاختلاف وارد وطبيعي بين البشر ولكن هناك أمور أو تصرفات لا نستطيع تقبلها. كأن تقوم طفلة بنعت طفلك بكلمة “غبي” وتتجاوزين عنها لأنك لا تودين أن يقال عنك “تدور مشاكل”. أو أن يحادثك أحدهم ليقول لك لقد ازداد وزنك وشعرك غزاه الشيب! جميعنا نملك مرآة ونستطيع أن نرى ولكنكم لا تعلمون ما هي الظروف النفسية والصحية التي يمر بها الطرف الآخر.
والآن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تغذي عقلنا اللاواعي دون إدراك منا. أذكر هنا مثالًا لزهراء التي فتحت سناب شات وشاهدت صديقتها وقد ذهبت لقضاء بضعة أيام في دبي والمشهورة الفلانية ذهبت لجزر المالديف. فتقرر فتح إنستجرام لترى أن فلانة ذهبت لقضاء عطلة في جدة. تحدث زهراء نفسها ولماذا لا يأخذني زوجي أنا مثل هؤلاء في رحلات. قد لا يدخل الحسد نفس زهراء وقد تكون مجرد غبطة ولكن هي لا تعرف ماذا يتراكم داخل نفسها. هذا الحال ليس في موضوع السفر أو موضوع وسائل التواصل الاجتماعي. لطالما تساءلت لماذا قد يتابع شخص أخبار طلاق فلان من المشاهير أو أخبار ماركات معينة تقتنيها مشهورة معينة والمشهورة الفلانية كم عاملة تمتلك لتقوم بتربية أطفالها؟ ماذا سأستفيد أنا وماذا سيضاف لي من معرفة وثقافة لو عرفت لماذا فشل زواج المشاهير؟
يجب علينا أن نحرر أنفسنا من كل هذه العلاقات التي لا تضيف لنا أي شيء، أن نسقي أرواحنا السلام والحب مهما كان هذا الشخص قريبًا لنا وأن نتخذ قرار الانسحاب في الوقت المناسب.