تقرأ كتابًا ما، أو ديوانًا، التّٓصفح هُنا وهناك في قنوات التّٓواصل الاجتماعي، أو الجلوس في الديوانيات الثَّقافية والأدبية، ستُصغي أذناك، ويتمعن عقلك في الكلمات، التي يتداولها الإنسان، مُستشهدًا حينًا بهذا الفيلسوف الغربي، أو هذا الشّٓاعر، أو هذا النّٓاقد، ليُدلل على طرحه، أو مُستعينًا بذلك، لتوضيح أمر ما، وإيصال المعنى المُراد إيصاله إلى الآخر القارئ، أو الذي يُناقش.
إنّٓه أمر جميل، لحد الجمال وأكثر، أن يكون الإنسان المُهتم بالجانب الثّٓقافي والأدبي، يقرأ لغير العرب، بكونها ظاهرة صحية -لا تخلو من الفائدة- فإنَّها تغذي عقل الإنسان، بتجواله في تجارب أخرى، للآخرين الذي لا يتحدثون لغته، لهُم لغتهم، وبيئتهم، وشخصياتهم الثّٓقافية والأدبية، لهُم حضارتهم وتاريخهم، الذي نقرأه، لنُحيط علمًا به، وتؤثر هذه القراءة على تكوين شخصيتنا الثّٓقافية والأدبية، ومن المُخجل جدًا، أن يبتعد القارئ عن هذه النّٓافذة المُطلة على الجميع، كخيوط الشّٓمس، مع وجود هذا التّٓطور الكبير في لغة التّٓواصل بين الكائن البشري على امتداد الفضاء الإلكتروني.
السُّؤال، الذي أراه يختزل في ذاتي مُنذ فترة، ليست بالوجيزة، مفاده: لماذا لا نستشهد بكلمات كتابنا من محافظة القطيف، بمُختلف مناطقها، لدينا كتاب رائعون، يُسطرون اللّغة والفكر في قالب الأبجدية، لدينا شُعراء، في قصائدهم، ما يُغريك، ويكفيك، لتُسكن بعض أبياتهم في ذاكرتك، وتكون، كالمنهج الذي يُعيننا على المُستوى النّٓفسي والثّٓقافي، الأدبي والاجتماعي، أيضًا على الفنون الأخرى البصرية، كالدّراما والمسرح، والفن التّٓشكيلي، فإنّٓ القطيف بألوانها الزاهيات، تمتلك شخصيات، أرى بأنًّه ينبغي أن تكون لأحرفهم الطريق الواسع، لنعيش بها، كالأشعار، التي يعيشها الإنسان في حاضره، وهي كتبت مُنذ الجاهلية، كشعر المُتنبي، وجرير، والفرزدق، وصولًا إلى نزار قباني، ونازك الملائكة، بدر شاكر السيّٓاب، ومحمود درويش، جبران خليل جبران، أحلام مستغانمي، كلمات شكسبير وتي. إس. إليوت، وتشارلز ديكنز، وديستويفسكي.
هُنا، لا نقول بأنّٓ مثل هؤلاء الكتاب والشُّعراء والفلاسفة والمُفكرين، أن لا يعيشهم الإنسان، ويقرأ لهم، ويوثق العلاقة بمُنجزهم، لتصبح كلماتهم، الجزء، الذي لا يتجزأ من تنامي شخصيته، سعيًا إلى تفردها، لهذا، بل على العكس من ذلك، فالقراءة والاطلاع أمر مهم لكل من يهفو إلى المعرفة والعلم، وقراءة الآخرين من خلال إنجازاتهم الإبداعية، بستان إبداعي، يقطف منه القارئ ما لذ وطالب من الثمر.
من عمق القول، أقول: قرأت، وتابعت الكثير من شُعراء القطيف وكتابهم، من فناني القطيف، ورواد الفعل البصري مسرحيًا، وأفلامًا قصيرة، من النّٓحت، والفن التَّشكيلي، كتاب القصة القصيرة بنوعيها، والرواية الأدبية، ووجدت في كلماتهم نموذج حياة وفي صياغتهم وتعبيراتهم، ما نأخذه توأم طريق، وفي سيرتهم ما نقتفي أثره، لنتخذ منها نمُوذج القدوة الحسنة، وفي أفكارهم ما يبعث الدّٓهشة، لتتراقص ألحانها، لحنّا طروبًا، مُغريًا، فما أجمل الفعل المُوازي للدّٓهشة، وما تُفرزه من إيجابية الفعل والكلم، ستشعر ونشعر بما لنا في القطيف من إبداع، ينبغي أن نعيشه، ليس فقط على مُستوى الفعاليات الثَّقافية والأدبية، ولكن سنعيشه في حياتنا، فلا أقول -على سبيل المثال لا الحصر- قال شكسبير -مع العلم بأن شكسبير يُثري الإنسان- ولكن سنقول، قال الشّٓاعر حبيب المعاتيق، وذكر الأستاذ حسن حمادة، وقال الإعلامي السّٓيد ماجد الشّٓبركة، وذكر الكابتن رضا الجنبي، وقال النّٓاقد والسيناريست عباس الحايك، وأشار الناقد محمد الحميدي، وقال الدّكتور سعيد الجارودي، وقالت يُسرى الزتير، وذكر بنول آل شبر، وقالت سميرة سليس، وتحدثت عرفات الماجد، وهُناك الكثير الكثير في قطيفنا من هؤلاء المُبدعين من كلا الجنسين، فلا نبخس حقنا في أن نجد مُبدعينا فقط في الفعاليات، وعليه، فإن قراءة المُحتوى المحلي، يجعلنا ننصهر فيه، ونقتبس من كلماتهم، ما يُعيننا على أن نتميز، ونستفيد، لنُفيد، ونتميز كما هُم تميزوا، كما نقرأ لغيرهم، ليكونوا حاضرين في حياتنا بمُختلف فُصولها، وألوانها.
ختامًا، وكما جاء في العنوان، لننتج إبداعًا، تتداوله الأجيال؛ لأنَّه يمثل قيمة إنسانية، وفكرًا ناضجًا، وحالة شعرية مُتفردة، تُقبلها الدَّهشة في اشتهاء المعنى، ولوحة تشكيلية مُبهرة حدَّ الإغماء في اليقظة، ومنحوتة، تُهديك الجمال على مائدة التيه، وقصة، تكتبها الأحرف، لتُغني خُضرة العُشب في اخضرار الكلم، إذًا، لنُنتج إبداعًا.