
عندما كنت شابةً صغيرةً وقبل أن أتزوج كنت أعتقد أني سأكون أمًا مختلفةً ومثاليةً أشبه أمي وكذلك سيكون أطفالي! ولكوني لم أحتك بالأطفال كثيرًا لم أكن أدرك معنى المثالية فالواقع مختلف تمامًا عن الخيال وعن كل النصائح والتوجيهات التي نشاهدها ونسمعها! نعم فعالم الطفولة عالم كبير وليس بوسعك أن تجزم بنجاح أسلوب معين فلكل طفل شخصية مختلفة ورؤية من منظوره الخاص الذي يتوجب عليك النزول لمستواه ورؤيتها من منظوره هو.
قد تتبع الأم أسلوبًا معينًا مع أحد أطفالها ولكن هذا الأسلوب يفشل مع الآخر وهذا إن دل على شيء فيدل على أن الأطفال منذ خروجهم لهذا العالم يخرجون بصفات وأطباع تؤثر عليها عوامل مختلفة كالجينات الوراثية وحالة الأم النفسية أثناء الحمل. يكبر أطفالنا وتكبر معهم أحلامنا ولكن للأسف نحن دائمًا نريد أطفالنا نسخة طبق الأصل من أحلامنا نريدهم الأفضل دراسيًا، الأفضل أخلاقيًا، والأفضل في كل شيء؛ بل إننا قد نعاقبهم لمجرد أن فلان من الناس كان الأول على الفصل وهذا الطفل لم يحقق لنا حلمنا بأن يكون الأول. متناسين أن الأرزاق قد قسمت منذ عالم الدر! نعم نحن نجتهد ونعمل ولكن هناك عدة عوامل تلعب دورًا مهمًا في تحصيل أبنائنا الدراسي فالتوفيق من رب العالمين والجد والمتابعة المستمرة كلها عوامل مهمة.
إنه لمن المحزن أن نقارن طفلًا بآخر وهذا أمر شائع بين بعض المعلمين حتى لو كان من باب التحفيز فهو يخلق نوعًا من الغيرة وقد ينفر الطلاب من هذا الطالب الذي لا ذنب له. والأدهى والأمر حين يقارن الوالدان بين أطفالهما فتقع الغيرة بين الإخوان وتكبر معهم هذه المشاعر التي قد تؤدي لحالات نفسية في بعض الحالات والدخول في دوامة مقارنة النفس مع الآخرين واستحقار النفس. إن الأمومة ليست مهمة سهلة وقد تخرج الأم عن طورها بعض الأحيان وهذا لا يعني أنها أم غير جيدة فالحقيقة أنه لا وجود للمثالية فكل أم تعمل ما بوسعها وما تراه مناسبًا من وجهة نظرها وما يناسب ظروفها وظروف أطفالها.
دعنا نترك مساحة للآخرين ليربوا أطفالهم كما يرون هم ودعنا نحن نربي بما نراه نحن مناسبًا المهم هو أن نسعى ونطلب التوفيق والمعية من رب العالمين.