تألقتْ المشاعرُ و اشرأبتْ النفوسُ و طافتْ على ديارٍ كانتْ تؤم الأحبة َالكرام ترتوي وتستقي منها نزرًا يسيرًا مما خلفهُ مِمن مضى من دُررٍ و حكمٍ وعِبرٍ ، رسمتها توجهاتهم و ساقتها سليقتهم الصافيةُ العذبةُ و بصيرتهم التي تكتنز ُالخبراتَ المتراكمةَ لتسوقها رؤاها المتزنةُ فيما يجب أن يكون وماذا يلزمُ عملهُ لحلحلةِ معضلةٍ حدثتْ أو سوف تحدث .
تزدانُ الجملُ التي يُسطرها يراعُهم ، و تحلو مجالستهم لتتألق َ في رحابِ أفقٍ لا تتملكه ضيقُ نفس ٍمقفلة ٌلا تكاد تئن مما أثقلَ كاهلها مِنْ نمطيةِ التفكيرِ بميزانِ الزاويا الحادةِ و والطباعِ المتأزمةِ التي تملكتها و ألزمتْ صاحبها الذي لم يبرحْ مكانهُ الذي نزلَ فيه.
عينٌ تنبضُ حياةً ، و زرعٌ ينثر عَبقَ الحناءِ ؛يُسلمهُ الهواءَ ُالطلقَ ، و عِنبٌ حموضتهُ تعصرُ ذائقتهُ عقولاً حافزةً لترسمَ لغدٍ ما اعتراها مِنْ بصيرةٍ ، أوقدتْ عقولاً لتثبتْ على حجرٍ صلدٍ يصمدُ بشموخٍ أمامَ تعريةِ الزمنِ .
تمازج بحرُ الزرقةِ و تناهتْ بحضرتهِ أرففٌ مستقبلٍ سيعيدُ صياغتهُ الناظمُ لأمرهِ ، و يرمي ما نغصَ عليهِ رؤيتهُ ، و سُيعمل الممحاةُ في الجملِ الاعتراضيةِ ، و يعمدُ لطمسها ؛ لتهدأ نفسهُ مما سيصيبها من سهامٍ ستنالُ منهُ و تثني مِنْ عزمهِ الذي لا محالَ سيدومُ ما دام الفكرُ الناظمُ مبتغاهُ .
صدحَ متن اليقين مترنمًا ، و قفزت الحروف من مضلتها لتسمو في سبك الكلمات المتجذرة ؛ زاهيةً بثمرٍ يانعٍ يسرُ من امعن في فحواه و مغزاه .
محمدٌ يرى بما يراهُ ربهُ و يأسرُ قلوبًا وعتْ و يشحذُ الهممَ و لا ترتاع من نازلةٍ أو هوةٍ ، عِمادُها ما سطرَ و خط َما بين دفتي صحفٍ خطها ن و القلمُ و ما يسطرون .
نفسُ محمدٍ تاقتْ لعلوٍ أرادهُ منها منتهى الوجود تماهتْ مع القداس ِصاحبُ الكبرياءِ و العظمةِ .
ملائكةٌ غلاظ ٌشداد تضاءل ما هم فيه عندما كانَ محمدًا ، و اقفلتْ و أرختْ نارُ الله ِالموقدةُ ذيولها اللاهبةُ بما فاحَ من عَبق احمدٍ .
توشحتْ و رنتْ أفواهٌ بما زاناها من روائع الصداح و تكامل بما نثرهُ من كلمِ المداحِ .
هكذا ربتْ و ارتوتْ تلك َ الحقبةُ العابرةُ مما فاضَ لها من بصيرةٍ و نفاذٍ و عزةٍ و رشادٍ .
طوى تحتَ أطباقِ الثرى أعينٌا و ألسنًا ملؤها بدينٍ لا يلين أمامَ جموحٍ الهوى و طولِ الأملِ ، و تناجتْ في غسقِ الليلِ و سدولهِ و اكتمالِ ظلمتهُ ؛ بمناجاةٍ ووصلٍ لا ينقطعْ مع مَنْ برأ وصور َجل َجلالهُ وعز َذِكرهُ .