في سيهات.. إنعام السبع تكشف خفايا «بعد التفاصيل ألم»

وقّعت الكاتبة إنعام حبيب السبع إصدارها الجديد “بعض التفاصيل ألم” في الحفل الذي عُقد يوم السبت ٦ نوفمبر ٢٠٢١م، في أحد المراكز النسائية بسيهات، بحضور ٣٥ سيدة من المهتمات بالشأن الأدبي والثقافي والاجتماعي.

ويأتي كتاب “بعض التفاصيل ألم” لابنة سيهات الذي خرج إلى المكتبات ضمن سلسلة كتب تطوير الذات، بعد تجربتها الأولى كتاب “واثق الخطى”، حيث تميز هذا الكتاب بأنه عبارة عن تجربة بحثية جديدة امتدادًا لأسلوبها المعهود من سلاسة المعنى ووضوح العبارة، وترابط مفرداته التي تولد الأفكار بين الأجزاء، مع انعكاس تجربتها العلمية والعملية والحياتية في المجال التطوعي في ثنايا سطوره.

وبدأت أمسية التوقيع التي أدارتها حليمة بن درويش في الترحيب بالحاضرات الكريمات، مستهلةً حديثها بالتعريف بالكاتبة أنعام حبيب السبع، بعدها سألتها؛ كيف بدأت فكرة التفاصيل؟

وكانت إجابة الكاتبة السبع: “كنت أعمل في أول تجاربي في البحث القرآني، وكنت أكتب أحد البحوث القرآنية لمدة ٨ أشهر، وكل مرة كنت أكتب البحث فيها كان يرجعه المشرف عليه، ويطلب مني إعادة كتابته بطريقة أجمل، بقوله: بإمكانك ذلك، ومع التكرار، أرد عليه: كتبت وكتبت ماذا بعد؟”.

وكشفت السبع أنها مع تكرار التصحيح قد أهملت بعض التفاصيل، مشيرة إلى أنها لو انتبهت لها لكان البحث أجمل، وعليه بدأت تأخذ التفاصيل من انتباهها حيزًا وتسطو على خاطرها كمفردة رنانة.

وتحدثت السبع بإيجاز مع الحضور عن محتوى كتابها، مبينة أنه ضم ١٤٦ صفحة من القطع الوسط، حيث قطفت مع بن درويش من بعض ثماره، ومن ثم ناقشتها معها من حيث؛ سبب الذكر لها، وما مصدر استلهام معانيها سواء كان على مستوى الاستشهاد بالمقولات من القرآن، وأهل البيت عليهم السلام، والنظريات الفلسفية والكُتاب المعروفين، أو من ناحية الأفكار الواردة فيه، وكيف وظفتها إلى نصوص معرفية.

وأوجدت في كتابها حالات من التضاد بين امتلاك التفاصيل والابتعاد عنها، معتبرةً التفاصيل لفظًا رنانًا في غاية الإحكام والجمال بما يحمل من عمق ودقة وتعقيد، إلا أنها قررت الدفاع عن التفاصيل بقولها: “كيف لا تهيم كل المشاعر في التفاصيل وأدواته، وهي مبعثرة، ويمكن أن نلملمها في قصيدة تدغدغ أدق نقطة شعورية في قلوب القراء، كيف يمكن للشاعر أن يزن قافيته دون تفاصيل، إنها تأخذنا أكثر وأكثر نحو عالم الدهشة، والفضاء وتاريخ المدينة، بل دعوة للتأمل، بل هي حضن أمي وقهوتها، ويديها التي تتغلغل في خصلات شعري”.

وتابعت: “في كتاب الأسباب التي تسرق من بيننا جمال التفاصيل، وهي التعود كون العقل لا يبذل جهدًا للتفكير، والحواس كذلك لا تبذل جهدًا لتميز الأمور”، مرجعةً السبب الثاني إلى مهارة الانتباه وتفاوتها بين الناس، حيث تكون موجودة عند البعض، وتحتاج لتنمية عند البعض الآخر، وهي القدرة على التركيز نحو الأشياء.

وختمت الأسباب التي تسرق من بيننا جمال التفاصيل بالثقافة والإدراك الشخصي كسبب ثالث، متسائلة: هل هو حاجة ملحة؟ وأجابت بنعم، مؤكدة ذلك باستشهادها بالذكر القرآني الذي ذكر أمورًا كثيرة بتفاصيلها، ومنها؛ نعيم الجنة، وعذاب النار، والقصص، ثم السُنّة المطهرة والتي جاءت زيادة للانتباه والتفاصيل من خلال الأحكام والسنن والآداب، لكي توصل لنا رسالة أننا نحتاج إلى تفاصيل في حياتنا حيث استشهدت بالكتاب ودافعت عنها وعن حاجتنا الملحة لها.

وحول سؤال المحاورة بن درويش: هل شعرت وأنت غارقة في هذه التفاصيل، أنه حان الوقت أنها – التفاصيل – أمر غير عابر؟ أجابت: بالإيجاب حيث شعرت مثل كل الناس أنها تمر عليها تفاصيل كثيرة ولا تنتبه لها، قائلة: “الأشخاص يعيشون معنا ولا نشعر بوجودهم إلا عندما نفقدهم لأننا تعودنا على وجودهم”.

ونوهت إلى أن أي باحث في أي موضوع لابد أن يبحث ضمن اتجاهين؛ إيجابيًا وسلبيًا وهذا شيء وارد، مبينةً أنها عندما استغرقت في جمال التفاصيل انحازت إلى جمالها، فوجدت أنها موجودة في الحرب، والفقر، والخذلان، والخيانة، إلى أن وصلت إلى تفاصيل الألم.

وحاولت بين طيات صفحاتها أن توصف “تفاصيل الألم” على أنها عبور خندق ونافذة من التعاسة وسارقة للوقت، ومستنزفة للمشاعر، حد السفه والإسراف، وفي المقابل أكدت أنه يمكن جعل “تفاصيل الألم” شيئًا مهمًا في حياتنا والكل يحتاجه ويفهمه لكي نتجاوزه.

وعرفت السبع القارئ بأنواع الألم المادي والمعنوي، وكيف تتكون خبرة الألم عند الإنسان، معبرة عن دهشتها من كيفية تكون خبرة الألم عندما يتعود عليه الإنسان، حيث أعطت اهتمامًا إلى الألم المعنوي الذي يحتاج وعيًا، مفندةً المقالات بنظريات الفلاسفة ووصلت إلى تعريف أدق عن الألم عبر معرفة الدوافع النفسية له والتي تتعدد بين؛ اللذة، والتعلق، وفقدان المعنى، والحرمان، شارحةً كلا منها على حدة.

وبحثت ضمن تفاصيل الألم عن أسباب اختلاف الناس في مواجهتهم للألم، ولماذا البعض يتجاوز الألم بسهولة والبعض يتوقف فيه كثيرًا، ولماذا الألم يظل ينهش في الوجدان رغم مرور زمن طويل عليه وعند تذكره نتألم، ولماذا نخلق من الألم معاناة، وأخيرًا كيف يمكن التغلب عليه وتحويله إلى تجربة نجاح.

وأردفت قائلة: “عندما نريد تذكّر الألم لابد أن نذكره على أنه درس نستفيد منه في المستقبل القادم، كما يجب علينا الوعي بأنه مشاعر مؤقتة لن تدوم وسنعرف تجاوزها مثل باقي المواقف، ولا يجب أن نقف عند لحظات الألم كثيرًا، لأنه عندما يتعمق الشخص فيه يزداد ألمه أكثر”.

وأجابت في الكتاب عن عدة تساؤلات جعلتها عناوين ومن ثم شرحت ماذا تعني ومنها؛ هل ما تمر به معاناة أو ألم؟ لماذا يبقى الألم؟ نسبية الألم وعوامل التكوين؟ لماذا نتألم؟ ولماذا نخطئ؟

وختمت صفحات تفاصيل الألم بفصل “الورقة الرابحة لخسارة الألم” والتي تتحدث عن النجاح، وكيف ننجح وتحويل الألم إلى درس يستفاد منه بوعي، وتبعته بطلب من القارئ بتلخيص تجربته مع الألم عبر تقديم استبيان شخصي يكشف له مقدار تعامله مع ألمه بالإيجاب أو بالسلب.

وفي نهاية الحفل، قامت السبع بتوقيع الكتاب للحضور، مع شكرهن على تلبية الدعوة.

وتميز الكتاب بإخراج حسين محمد علي من البحرين، وضم مقدمة كتبها الكاتب علي هاشم من لبنان الذي قدم فيها قراءة نقدية للكتاب من حيث الأسلوب والمحتوى والمادة العلمية، بعد إجراء المراجعة العلمية له، بالإضافة إلى أن غلاف الكتاب احتوى على صورة بورتريه وهي صورة فتاة رسمتها الفنانة أمينة آل طلاق، ركزت فيها على قسمات على الوجه، الذي يحكي تفاصيل المشاعر الإنسانية من ارتفاع الذقن، وتمويج الشعر بطريقة غير مهذبة وهو تحدٍ للألم.

وشهد الحفل مداخلة صوتية من الباحث مهدي صليل أشاد فيها بالجهود التي تبذلها الكاتبة السبع على المستوى الثقافي والاجتماعي في المجتمع، حيث قال: “لقد سجلت الكاتبة أنعام السبع لحظات حياتها بعناية لتنتج منها عطاء يتموج في بناء الإنسان وذلك لأنها أدركت الحقيقة وحوّلتها إلى رسالة تحملها أينما حلت”، مضيفًا: “اليوم تحلق في مجال الكتاب والتأليف لتؤكد حبها وإخلاصها لمن نذرت نفسها لخدمتهم، وكان كتابها “واثق الخطى” بناءً نفسيًا وثقافيًا للشخصية الناجحة، وجاء كتابها “بعض التفاصيل ألم” ليعبر بالنفس البشرية من الألم إلى الحياة”.

يذكر أن إنعام حبيب السبع حاصلة على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع، والخدمة الاجتماعية، ومؤلفة كتاب “واثق الخطى”، ومدربة مدربين معتمدة بعدد تجاوز ٧٠٠٠ عضو من اللجان التطوعية والاجتماعية، في محافظة القطيف والأحساء والمدينة المنورة، وناشطة اجتماعية في جمعية سيهات قسم البحوث الاجتماعية، وشاركت في الكثير من الأنشطة والفعاليات والمهرجانات، ورئيس سابق للمجلس القرآني بالقطيف والدمام، ورئيس سابق لمركز أنوار القرآن بسيهات، وكرمت في مبادرة ملهمون، ومن منتدى الثلاثاء الثقافي في يوم المرأة العالمي.




error: المحتوي محمي