هل یعرف الشباب مساجدهم؟

بسم الله الرحمن الرحیم {وَلَوْلَا دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍۢ لَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَٰتٌ وَمَسَٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسْمُ ٱللَّهِ كَثِيرً}.

ها هي بیوتُ الله تملأ مناطقنا وتتوزَّع في کل حارة من حاراتنا منائرها تصدَحُ بذکر الله عند کل فریضة عامرة بالمصلین والمتهجّدین مهیأة لکل الراغبین مرحِّبة بکل القاصدین فأین الشباب من تلك البیوت؟

أهَمُّ مرحلة في عمر الإنسان هي الشباب وهي مرحلة صناعة الشخص لذاته ومستقبله فالقرار یُتخذ في عز الشباب والمستقبل یُرسم بخیالات الفتی المتنوع المواهب. وأغلب الشباب یسیرون نحو أهدافهم وبناء مستقبلهم ویجعلون الصلاة جزءًا هامشیًا لا یستحق الاهتمام والمساجد آخر شيء یفکرون فیها، نعم یتلهَّفون للموالد والمآتم ویتسابقون في الحضور والخدمة والعطاء لکنهم مع کل هذا لا یعطون الصلاة أهمیتها وحتی لو حضروا مسجدًا فإن بعضهم لا یصطف مع الجماعة ویفضّل الصلاة فرادی کي ینقُرَها نَقرَ الغراب.

أیها الشباب الواعي أیها القلبُ العاشق لأهل البیت علیهم السلام والمتفاني في خدمة المساجد والمآتم والحسینیات والمضحي بعمله ووقته وماله في سبیل الله والمتحمِّل حرارة الصیف وبرودة الشتاء لا تجعلوا الصلاة آخر أهدافکم ولا تقصروا تجاه ربکم ولا تهملوا بذرة الإیمان في شبابکم فإن الله سبحانه وتعالی لم یأمر المسلمین بترك الجماعة حتی في الحرب بل تُصلی صلاة الخوف وسط ساحة الوغی بالتناوب وحمل السلاح وذلك في قوله تعالی {وإذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}.

وحتی الإمام الحسين علیه السلام لم یترك الصلاة یوم عاشوراء وصلی بأصحابه والسهام تنهمر علیهم ویحرسهم زهیر بن القین وسعد بن عبدالله الحنفي الذي اسشهد بتلقيه السهام بصدره دفاعًا عن الإمام الحسین ع وانصاره.

وهذه رسالة مهمةٍ الی کافة الشباب: لا تتسابقوا للنوادي والمتنزهات وتتکاسلوا عن أداء الصلوات لا تسهروا في المجالس والدیوانیات وتتثاءبوا عند الصلوات لا تنشطوا في اللعب والرحلات وتشتکوا عند الصلوات، لا تتخیَّروا أحسن الملابس وأفضل العطور في الأعراس واستقبال الضیوف ومناسباتکم السعیدة وتؤدوا صلاتکم بروائح الطبخ والعمل وثیاب النوم والشورتات.

{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} احترموا صلاتکم ولا تصلوا وتمزحوا ولا تشوهوا قیمة الصلاة بالاستهتار والاستخفاف، فقد وصلت درجة الاستهتار بالصلاة أنّ یصلي الشخص في الماء ویرکع ویسجد ویصورونه وینشرون ذلك الاستهزاء لیضحك الناس علیه. وآخرون یصلون ویرکعون ویسجدون بین یدي الله عز وجل وهم یلاعبون القطط والأطفال وقد یصلي آخر وعینه علی التلفاز والضجیج والصخب لا یفارق أذنیه، وقد یمازحون ویعبثون بالجوال وهم في صلاتهم لاهون {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.

هذا هو حال من هجر المساجد وصلی في البیت والاستراحات والمجالس والرحلات والکورنیشات والمتنزهات ومن الصعب علیهم أنّ یضحوا بما بین أیدیهم ویلبوا نداء الله بإقامة الصلاة في المساجد کیف یعطون من وقتهم نصف ساعة للجماعة وهم یصلونها في خمس دقائق؟ کیف یذهبون للمساجد ویفوتهم متابعة مباریاتهم أو یترکون لعب ورقهم أو یبتعدون عن بعضهم ویتفرقون، هذه فترة الشباب إن بقیتم علی حالکم فالله أعلم بمآلکم.

أعطوا الصلاة حقها لا تنقطعوا عن مساجدکم لا تستهینوا بصلاة الجماعة الله الله في الصلاة فإنها عمود دینکم، ورد في الحديث الشريف: «إنّ عمود الدين الصّلاة وهي أوَل ما يُنظَر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحّت نُظِرَ في عمله وإن لم تَصِحَّ لم يُنظَر في بقيّة عمله».

لا ننکر أنّ هناك ثلّة من الشباب مواظبون علی المساجد وملتزمون بصلاة الجماعة زادهم الله هدی لکن الشریحة الکبری هي الغائبة وهي محل حدیثنا لعلنا نراهم یتنافسون في الوصول إلی المساجد قبل الازدحام في النوادي.

وهناك أیضًا کثیر من الرجال الکبار الأشداء الأصحاء أیضًا لا یعرفون المساجد ویصلون في غرف نومهم وبین أسرتهم وأمام شاشات التلفاز وحُرموا من صلاة الجماعة وثوابها ولا عذر لهم في ذلك أبدًا، ولعلهم هجروها من شبابهم فاستصعب علیهم العودة لها في مشیبهم، والخیر کل الخیر في من یحي الصلاة جماعة في المساجد وأینما صلوا شیبًا وشبانًا، {رَبِّ ٱجْعَلْنِى مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِى ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآء}.

ِموضوعنا القادم حول الفرق بین أداء الصلاة وإقامة الصلاة، وصلی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.



error: المحتوي محمي