الغِناء والعَزاء ثقافة الأبناء

بسم الله الرحمن الرحیم {نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِٱلْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَٰهُمْ هُدًى}.

التعلیم والتثقیف یحتاج إلی کتب ومعلمین ومدارس ومال ووقت لتصل الأفکار إلی الطلاب فتستقرَّ في أذهانهم، بینما الغناء والعزاء لا یحتاج إلّا إلی تلفاز أو رادیو أو مشغِّل صوتیات آخر فیشقَُّ طریقه إلی الناس مُزَرِّقًا فیهم أفکارَه وأدبیَّاته.

ومع الاستماع والاندماج یتخرج المستمع بعقلیة ما استمع إلیه، ولکن لتشق تلك الصوتیات طریقها إلی المستمع لابد أن تعتمد علی ثلاثة أعمدة: أولًا القصیدة وجودتها، وثانیًا الصوت وعذوبته، وثالثًا اللحن وسلاسته

وعندها تنتشر تلك الصوتیات وتصل کل بیت ومجلس وفناء فیجد الناس أمامهم مدرستین؛ کل مدرسة تستقطبُ أصحابَ المیولات والتوجهات لها، فکما في الجامعات والکلیات توجهات ومیولات مختلفة کالطب والهندسة والتعلیم والبرمجیات والإلکترونیات کذلك في مدرسة الصوتیات والمرئیات میولات؛ فهناك من یمیل إلی الطَّرب وهناك من ینجذب للعزاء کلیًا أو جزئیًا، فمدرسة الغناء والطرب تصب فی قالب الحب والعاطفة والرومانسیة والعشق وألوله والغزلیات، ومستمعُها تراه یردد أشعار الحب والغزل ویتأوَّه ویتمایل معها في خلواته وسهراته، وبالإدمان تصبح جزءًا لا یتجهزأ من حیاته ولا یمکن أن یبتعد عنها حتی لو عرف أنها تدمِّر حیاته وتغیِّر صفاته وتؤثر علی صلاته!

أما مدرسة العزاء والإنشاد فهي تعزِّز في الفرد المبادئ والقیم وتعمِّق روح الولاء والإباء والتضحیة والفداء. وقد تبثُّ تاریخ أمة بأکملها وتحثُّ علی الاقتداء بها والتمسك بشعائرها والتأسي بمصائبها کما هو الحال في القصائد الحسینیة الهادفة النابعة من شعراء مخلصین واعین والصادرة بأصوات عقلاء منضبطین.

والمتخرجون من هذه المدرسة یرددون تلك الأشعار والأهازیج ویتأسون بها ویورثونها لأبنائهم ولا یستبدلونها بلهو أو طرب. فلننصح أبناءنا بترك الغناء والابتعاد عن اللهو والطرب منذ الصغر ونشجعهم علی استماع القرآن والدعاء والأناشید والعزاء کي تمتلئ قلوبهم بالإیمان وتنعم بالاطمئنان.

وصدق الله العلي العظیم إذ یقول: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.



error: المحتوي محمي