من سيهات.. عبدالله آل إبراهيم يصيغ مشاعر صاحبه في 40 نصًا بـ «شوق وأمل»

كان يُصغي لأحد أقاربه الذي وجد فيه الأذن الصَّاغية، والقلب الحنون الذي يبعث الرَّاحة كُلّما استودعه مشاعره، أنَّاته المُتوهجة تجاه الطَّرف الآخر، المواقف وحكاياتها، لم تكُن تهرب بعيدًا عن الشَّاعر عبد الله جعفر آل إبراهيم بانتهاء لحظتها، إلا ونقشها في ذاكرته، يُعتقها بفكره، وينسجها بأحرفه، لتكُون لبنات قصائده التي بزغت للضَّوء في إصداره السَّادس، بعنوان “شوق وأمل”.

واحتوى الإصدار الصَّادر عن دار “ريادة” بجدة 40 نصًا، تراقصت على أرجوحة البوح المكنون، حتى وصلت إلى مُنعطف برز فيه اللّوم والعتاب بصُورة أكبر، لتتشكل المُعاناة، وينصهر الشَّوق في اشتهاء اللقاء.

يقُول “آل إبراهيم”، لـ«القطيف اليوم»، إنَّ الإصدار يضُم مجموعة من القصائد التي عكست حالة مُتميزة لأحد المُقربين في فترة من فترات حياته، كان يُخبرنه بما مرَّ به من مواقف، وما ازدحمت فيه من مشاعر وأحاسيس تجاه الطَّرف الآخر في حياته.

وأشار إلى أن المعلومات بتفاصيلها، كانت لبنات ذات مقاسات مُتميزة لإنشاء أبيات القصائد، مُختزلًا معانيها في العنوان: شوق وأمل، الذي يختصر بوح العاشق وحالته في كلمتين، تعكسان شوقه إلى محبوبته، وأمله في اللّقاء الذي كان يتمناه ولا يراه حصل.

الحديقة تكتب..
يمتلك الشَّاعر الفسحة الكبيرة، ليغرق في المُتخيلة، يُعيد ترتيب الزوايا، يخلق من الخيال ما يشتهيه أن يكُون، ما يتمناه في لحظة شعرية، تُغازله اللّغة، ليُغازلها بأفقه المُتشح بالتَّصورات اللاواقعية، كراقصة البهو.

يذكر “آل إبراهيم”: “عندما كنت طالبًا في المرحلة المُتوسطة، كانت الرغبة شديدة في كتابة الشّعر في ذاتي، وقد شجعني على ذلك مُعلم اللّغة العربية الأستاذ يُوسف فضل الله خالد (حفظه الله ورعاه)، من خلال كلماته وتوجيهاته”.

وأضاف أن أول نص كتبه، جاء عن حديقة منزلهم الافتراضية، حيث لم يكن في منزلهم الصَّغير المُتواضع متسع لإنشاء حديقة، لكنَّه في عام 1389م، ذات لحظة تأملها، أعاد ترتيبها، اختلع الجدار في الجهة اليُمنى، جعلها تتسع لأحلام عينيه، انطلق على فارسه الأبيض من الخيال، ليُصيغه في قصيدة شعرية.

يُعانق “آل إبراهيم” يراعه، ليكتب قصيدته كلّما توفرت البواعث، وألحت على القريحة بالانطلاق، فلا تجده من الذين لهم بيئة مُحددة، تستفز يراعهم، لينهض بمُهمته.

وتابع: “كُلُّ موقف مهما كان ومن أي مصدر، فإنه يترك فيَ أثرًا، فهو بيئة صالحة مُهيئة للكتابة”.

لتعرضوا إنتاجكم..
ونوه إلى أمر يراه مهمًا جدًا أن يتحلى به الشَّاعر والكاتب بجانب الثَّقافة العامة، وهو الإلمام ولو بالقدر الذي يحتاجه من علم النَّحو والصَّرف والإملاء، إضافة إلى المعرفة بالأساليب الأدبية المُتمثلة في علوم المعاني والبيان والبديع.

ولفت إلى أنه يحتاج إلى مخزون من المُفردات ذات الدلالات الحقيقية أو المجازية، ليُضفي على النَّص رونقًا جذابًا ومُمتعًا للقارئ.

وبيَّن أنَّ الأسلوب المُباشر لا يجعل النَّص غريبًا كما يظن البعض، ولكن يجعله ساكنًا لا حراك ولا أثر فيه، بينما استخدام اللّغة البلاغية فيه يجعله مُتحركًا ومُحركًا لرغبة القارئ في نفس الوقت، مُؤكدًا أنَّ القارئ كُلّما قرأ نصًا، يبحث عن الإبداع الذي لم يجده فيما سبقت قراءته.

وأجاب عن سؤالنا عن نضج التَّجربة الشعرية بكل ألوانها في القطيف، بأنَّ المُنجز الأدبي في القطيف، يتقدم بخُطى واسعة واتجاهات مُختلفة، ترسم للملتقى صورًا رائعة ومُختلفة تتناسب مع أذواق القراء.

ودعا الكُتاب والأدباء إلى عرض نتاجاتهم الأدبية للنَّقد البناء، ليكُون لهم بوصلة تُوجههم في الاتجاه الصَّحيح في مُختلف المسارات الأدبية من مقالة ودراسة وقصة وقصيدة، مُشيرًا إلى أنَّ الشّللية الثَّقافية والأدبية على نقيض الفاعلية النَّقدية كونها تُؤخر المجتمع، وتُؤثر سلبًا على الحراك الأدبي والثَّقافي في المُجتمع.

وقال إن الثَّقافة والأدب عملية تبادلية بين الكاتب أيًا كان والمُتلقي، فعلى كُلّ منهما أن يعرف ماذا يُريد منه الطَّرف الآخر.

لغة أبوية..
وأضاف في ختام حديثه: “أوجه كلمتي لإخواني الشُّعراء وأخواتي الشَّاعرات، خُصوصًا المُبتدئين والمُبتدئات، وفيها أحثهم على قراءة واستماع قصائد من سبقوهم في هذا المضمار، كما أحثهم على الاستفادة من تجارب الآخرين الأدبية، بالانضمام إلى المُنتديات والهيئات الأدبية التي تُعنى بهذا الشَّأن، فإنَّ فيها من سيوجههم الوجهة الصَّحيحة، ويُرشدهم إلى ما يُقوي أساليبهم الأدبية، ليتمكنوا من الوقوف إلى جانب الشُّعراء والأدباء الأكفاء في مُختلف المحافل الأدبية”.

يُذكر أنَّ الشَّاعر عبد الله جعفر آل إبراهيم، من مواليد مدينة سيهات عام ١٣٧٤هـ، مُتقاعد من شركة “أرامكو”، عُضو مُنتدى سيهات الأدبي وأحد مُؤسسيه، وعُضو في مُنتدى الكوثر الأدبي بالقطيف.

صدرت له 5 دواوين، وهي: ديوان الغروب، ومواقف ولطائف، ونوادر وخواطر، وشمس الإمامة، وخماسيات صباحية.




error: المحتوي محمي