ليس للأحرف من سبيل، يُنصف حقهما، أو توصيف ما يكتنز في ظلّهما، لتحكيها الأبجدية، كالأخضر من العُشب، تظلُّ عاجزة في نسج الكلم، ينتابها الخجل، كبراءة طفلة، مازالت في شوق إلى حضنهما، ومُعانقة أصابعهما، لتشعر بالحُب والأمان.
أن تكتب عن بر الوالدين، فإنَّك تُصيغ الحياة في شكلها الأجمل والأشهى.
جاءت الآيات القُرآنية، تحث الإنسان على برهما، وعدم عُقوقهما، قال تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.
لقد قرن الله طاعتهما بعبادته، لدرجة أن كلمة “أف”، التي تأتي سهلة بين الشَّفتين، نهى عن الإتيان بها.
إنَّ بر الوالدين له ألوان مُختلفة المشارب، وسأتناول الأثر النَّفسي من البر الذي يأتي نتيجة حياتية على ذات الإنسان، حيث إنَّ التَّحلي بالأخلاق الإسلامية له تأثير نفسيٌّ على الإنسان.
إن البر بالوالدين يجعل الإنسان يشعر بالطَّمأنينة، لتجده -الإنسان- مُستقرًا نفسيًا، يعيش دقائق يومه، والرَّاحة تكتنفه، وهذا من اللّطف الإلهي، لذا حين ترفع الأم يديها إلى السَّماء، تدعو لابنها أو ابنتها، فإنَّ التَّوفيق، سيكون رفيقهما في مُجمل الحياة، كغيمات المطر، تُنزل الغيث.
إنَّ الشَّعور بالدفء، ينبغي أن يتقلده الإنسان في تعامله مع الوالدين، ليكُون بلسمًا لهما، ومصدر راحة، فلا يقُوم بعمل ما أو التَّلفظ بأحرف ما، قد يجعلهما في أسى أو حُزن، فإنَّ فضلهما عليه لا يُساويه كُلُّ شيء.
بر الوالدين، يُعد توفيقًا، يناله الإنسان، الذي تتمتع رُوحه بالنَّقاء والصَّفاء، مهما كبُر هذا الإنسان، مهما اجتهد، وحقق إنجازات على المُستوى العلمي والعملي، فإنَّ والديه، ينظران إليه على أنَّه الابن الذي لايزال صغيرًا، ولايزال يهفو إلى حنانهما، ووصايتهما.
فكم أتعبناهما من أول ما أبصرت أعيننا الحياة، تخالهم سُعداء برغم الألم، نبضات قُلوبهما، تنبض بنا، لتُحيطنا بالظّل المعجون بالحنان.
الآن، لتكُون بين رُموشهما، قُم بإدخال السَّعادة لهُما، ماذا ستشعر، وأنت تنظر إلى مُحياهما، وهُما يبتسمان؟ حقًا الآن، تتنفس الصُّعداء، كأنَّ الرَّاحة، تنتقل من وجدانك إلى الأشياء، لتشعر الأشياء بنبضاتها، كأنَّها الحياة ذاتها.
في الحياة ثمَّ لحظات جميلة، تجعلنا نُسافر بأحلامنا، وطُموحاتنا، وفي مُقدمتها بر الوالدين، فإنَّ الكلم، والقرطاس لا يسعه احتواء رشفات الرُّوح بين جنبيهما، إلا أنَّ كُلّ ما يختمر في ذواتنا، ليكن برهما، قبل انسدال الحياة، فلا نجد لهُما ظلًا، ويحتضنهما التُّراب، فإنَّ التُّراب، يُثل النَّدم، حينما يكون الإنسان عاقًا لهُما، لتأتي الحسرة، تقتات من أرواحنا، لأنَّنا، لم نشعر بقيمة الدَّقائق، وهُما بيننا.