بادئَ ذي بدء، لابد من التنويه أن جنابَ الشَّيخ الفاضل فوزي آل سيف من المحفوظين بالله، هو من عرفتُ منه أنكم بين الخامسة عشرة والخامسة والسبعين من العمر تصلّون على النبيّ محمد صلى الله عليه وآله مليونًا ومائتي ألفَ صلاة. لم يفت الشَّيخ الجليل أن يذكر أن هذا أقل الأعداد، وهو – فقط – ما في الخمس صلوات الواجبة كلَّ يومٍ وليلة.
لكن لماذا مليون أو مليونين؟ أنتم تستطيعون أن تضعوا في رصيدكم ملايين من الصَّلوات! كل ذلك رجاءَ أن ترجحَ كفَّة ميزانِكم في يوم القيامة، وأيضًا بسببها تستجاب دعواتكم في الدّنيا. قال أبو عبد الله (عليه السَّلام): يا إسحاق بن فروخ من صلى على محمدٍ وآلِ محمد عشرًا صلى اللهُ عليه وملائكته مائةَ مرَّة، ومن صلى على محمدٍ وآلِ محمد مائة [مرّة] صلى الله عليهِ وملائكته ألفًا: أما تسمع قولَ الله عزَّ وجل: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا).
وبما أننا في أيَّام ميلادِ النبيّ محمد صلى الله عليه وآله، إذًا تحاتّ ذنوبكم مثل ورقِ الأشجارِ في الخريف، وتبنون لكم دورًا واسعةً في الجنَّة، لكثرة ما تصلون عليه. وليسَ من دعوةٍ لكم في هذه المناسبة سوى أنكم تكملون المائةَ سنة من العمر وما فوقها في تمامِ صحتكم، وبذلك تجمعون ملايين كثيرة من هذه الصَّلوات.
لا غرابة إذا جمعتم الملايين فهي وصية النبيّ صلى الله عليه وآله في نفسه: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وآله): “لا تجعلوني كقدحِ الرَّاكب فإن الراكبَ يملأ قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدّعاء وفي آخرهِ وفي وسطه”. ومقصده من الوصيَّة بيّن، بألا يُؤخر في الذكر، بل يُجعل قبله وفي وسطه وفي نهايته. ثم هذه الصَّلاة فيها منافع لنا لا تحصى: عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) قال: من قالَ: يا ربّ صلّ على محمدٍ وآلِ محمد مائةَ مرة قُضيت له مائة حاجة ثلاثون للدنيا [والباقي للآخرة].
بصراحة، اعذرني إن لم أستطع أن أنقلَ كثيرًا من الأحاديث التي تحث على الصَّلاة على محمد صلى اللهُ عليهِ وآله، فمن يرد أن يستقصيهَا يجدها في الكتب، لكن ليس قبلَ أن تحصلَ على هذه الجائزة المستعجلة: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السَّلام): إني دخلتُ البيت ولم يحضرني شيء من الدّعاء إلا الصَّلاة على محمدٍ وآلِ محمد فقال: أما إنه لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت به.
كيف يكون العدد أقل من الملايين، وها أنتم في قراءة هذه الخاطرة القصيرة جدًّا، صليتم عليه وآله ما يقارب العشرَ مرات؟!