هل سنعود للمبالغات والإسراف في أفراحنا وأتراحنا؟

لم تعد حفلات الأعراس اليوم حافلة بالموائد الدسمة ونغمات “الأناشيد” التي كانت تتصدر الموقف، واختفت المظاهر السلبية في بعض المناسبات عندما جاء فيروس كورونا لتنبيه الناس عن تلك المبالغات والإسراف في الأفراح والأتراح، وبدلاً من ذلك أصبح التباعد الاجتماعي وغياب المعازيم نغمة سائدة في الكثير من المناسبات الاجتماعية.

قبل جائحة كورونا كان البعض في المجتمع استهلاكياً بطبعه في الكثير من أمور الحياة نتيجة لشراء واقتناء الأشياء غير الضرورية، والتي باتت تؤثر في مسار حياة البعض منا بصورة كبيرة، وأصبح الكثير من الناس في المجتمع يعانون بسبب الديون نتيجة الجري وراء هوس الإصدارات الحديثة لبعض ما نملكه من أجهزة وغيرها من الماركات العالمية وتغييرها لمتابعة الموضة.

كل فتاة تحلم بأن يكون حفل زفافها أسطوريًا، لذلك فإن البحث عن فستان ليلة العمر ليس بالأمر السهل بالنسبة للعروس المقبلة على الزواج، حيث تقوم بتمشيط الأسواق بحثاً عن ذلك الفستان الذي ربما يكون بأغلى الأثمان، وكل عروس تضع في اعتبارها بعض الاشتراطات التي يمكنها اختيار الفستان على أساسها، ربما لتحقيق حلمها في إبهار ولفت أنظار الحضور الكبير للمعازيم والمكان الذي سيقام فيه حفل الزفاف، بالرغم من أن لفه وتكييسه هي النهاية الحتمية لذلك الفستان الثمين.

أغلب العروسات كن يلجأن لتلك الفساتين الضخمة المنفوشة لكي تتناسب مع إطلالاتهن الجميلة فوق مسرح الصالة التي تطربها أنغام الموسيقى على الأنوار الصاخبة داخلها التي ربما فيها البذخ والتباهي بمظاهر كذابة، إلا أنه اليوم في ظل الاستغناء عن الصالات عند الكثير من الناس وإقامة عقد القران في المنزل بعيداً عن المبالغات غير الضرورية حيث اتجهت الكثير من الفتيات لاختيار الفساتين البسيطة الخالية من تلك التفاصيل.

أسهمت إجراءات الوقاية من فيروس «كورونا» في خفض تكاليف الزواج، وتجنيب الشباب اللجوء إلى البنوك المسعورة للاقتراض منها، بعد القرارات الصائبة من الجهات المختصة في الدولة رعاها الله بتحديد أعداد المدعوين، وفرض اشتراطات صحية صارمة على صالات الأفراح والصالونات النسائية والرجالية، حيث اقتصرت حفلات الزواج على المحيط الأسري من دون فرق الطقاقة ولا ولائم الطعام التي يتزاحم عليها الحضور لإشباع هوس الجوع ورمي ما تبقى في حاويات القمامة.

فليعلم الناس وليتهم يعلمون أن فيروس كورونا ربما جاء لتنبيه الناس وإجبارهم على استخدام عقولهم، وإعادة حساباتهم في المبالغ المكلفة على كماليات الزواج والتي قد تتجاوز الـ٥٠ ألف ريال أقلها لليلة واحدة! بين رسوم صالتي الأفراح الرجالية والنسائية، ورسوم الفرقة الموسيقية “الطقاقة” إضافة إلى بقية التكاليف التي تشمل فستان الزفاف والولائم والحلويات وغيرها، فبدأ الشباب بالاكتفاء بعقد القران في المنزل والتخلي عن جميع التفاصيل السابقة، لنجد أنفسنا وقد عدنا إلى بساطة حفلات الزفاف التي كانت تعقد في الماضي.

ختاماً أتمنى أن يستمر بروتوكول “كورونا” وألا تعود تلك المبالغات في حفلات الأفراح والأتراح، وأن يبتعد كل عريس من أبناء مجتمعي عن صالات الأعراس وعن الاقتراض من البنوك لأنها مسعورة، وأن يفكر كل خطيبين بخلو عرسهما من الأعباء المادية التي ترهق جيوبهما وهما في أمس الحاجة لها اليوم، وأن يكونوا مدركين لمفهوم الحياة التي تحتاج إلى قراءة مفهوم الاقتصاد فيها.



error: المحتوي محمي