إن الممارسات المهنية بتخصصاتها المختلفة تأخذ في الاعتبار المسميات والألقاب ذات العلاقة وتضفي عليها سمة الاحترام والتقدير.
إن تنوع المدارس الفكرية والمهنية يتفهم مسألة تفاوت المستويات والقدرات المعرفية لدى الأفراد واختلاف وجهات النظر بينهم، مما ينعكس على مدى الإحاطة الموضوعية لديهم من زوايا متعددة.
إن ممارسة الخطابة الدينية هي مدرسة فكرية ومعرفية كبقية مدارس الممارسات المهنية الأخرى، ينبغي أن تقوم بتوجيه الإمكانيات والقدرات المتاحة للخطباء بناءً على الاهتمامات والميول.
إن الأمم ترتقي بمجتمعاتها عبر الأنظمة والقوانين الملزمة للجميع، والتي من أهمها ما يعرف اليوم بأخلاقيات وقواعد السلوك وآداب ممارسة المهنة، والتي يتصدى لصياغتها وتنظيمها متخصصون من أصحاب الشأن والرؤية الواضحة لضمان المحافظة على سير الممارسة المهنية بجودة عالية وكفاءة متميزة، ويسعون لتحقيق ذلك من خلال وسائل متعددة، ومن أهمها الحصول على شهادة ممارس معتمد من هيئة أو جهة معتمدة ضمن معايير مهنية واحترافية يتم من خلالها تقييم قدرات وكفاءة الأشخاص، مما يؤهلهم للعمل في المجال المستهدف بجودة عالية.
إن إحدى المنافع المهمة لهذه الخطوة هو التعرف على نقاط الضعف والعمل على تحسينها وتقويتها حتى لا تكون عائقاً أمام التطور المهني للأفراد.
ويمكن تصنيف أصحاب الممارسات المهنية إلى ثلاث فئات وهم:
الفئة الأولى: الحاصلة على المهارات عبر التعلم الذاتي، بالمشاهدة والسماع وصقلها بالتجربة حتى تمكنت من إتقان المهنة معتمدة على نظرية الخطأ والصواب حتى أقر بها الآخرون.
الفئة الثانية: اكتسبت المهارات بالوراثة أباً عن جد فأصبحت لديهم القدرة والمهارة عبر الزمن.
الفئة الثالثة والأخيرة: هم أصحاب المواهب والقدرات ممن صقلوها وطوروها من خلال تتلمذهم على أيدي ممارسين أكفاء مشهود لهم بالخبرة والكفاءة.
إن التباين المعرفي الناشئ بين الفئات المختلفة عبر الأزمنة نتيجة لاختلاف المشارب والمدارس الفكرية في مهنة الخطابة أمر متوقع، ولكن لا ينبغي أن يكون مسوغاً لتمرير الأفكار والمفاهيم الخاطئة للمجتمع، وفي المقابل على أفراد المجتمع ممارسة دور النقد البناء للأفكار المغلوطة أو الشخصنة في الخطاب عند التعامل مع الأفكار المغايرة في الطرح.
إن الحاجة ماسة لأن نضع مصلحة وصلاح مجتمعنا في سلم أولوياتنا بعيداً عن مصالحنا الشخصية، وأن نكون على قدر عالٍ من حس المسؤولية.
إن عامل ضعف المعرفة وعدم إتقان التخصص يقود أحياناً إلى رفض هذا التصنيف بتبريرات لا ترتقي إلى مستوى التحليل الواعي في فن الخطابة، ولا تعكس وجود خطة ورؤية واضحة في هذا المسار، إن تباين الافكار والأهداف بين المهتمين والعاملين في المجال الخطابي يتفاوت من مجموعة لأخرى حسب الأهداف المرسومة من أجل خدمة هذه المهنة العظيمة وتطويرها.
مطلبنا يتناسب ومتطلبات واقعنا الفكري والثقافي من الحاجة إلى إرساء قواعد وضوابط اساسية تخدم الممارسين للخطابة بأسلوب متطور وحضاري منظم يتماشى مع حجم المتغيرات والتحديات على الساحة الاجتماعية، ويعزز كفاءة الأداء لأصحاب هذه المهنة الحساسة التي تخاطب العقول والأحاسيس والمشاعر.
إن وجود التنظيم الأكاديمي لهذه المهنة لتخريج الممارسين المعتمدين لضمان الحفاظ على هذه المهنة بأعلى المعايير أصبح مطلباً مهماً يساعد على التطور والارتقاء بالمجتمع الإيماني. إ
ن الهدف هو إيجاد مجموعة رسالية مهمتها تقديم رسالتها بشكل حضاري هادف قادر على ريادة المجتمع، وهي مسؤولية تقع علينا جميعاً وسوف نكون محاسبين أمام الله عنها.