لعلّ القارئ الكريم يظنّ أن فترةَ النّوم والاستيقاظ هي فترة عاديّة – جدًّا – ننعَس وننام، ثم نستيقظ، فلماذا تشغلونا بها؟ مع أننا في هذا العصرِ لا نستغرب أن الأجهزةَ الحسَّاسة والمركباتِ الفاخرة تحتاج فترةً – ولو قصيرة – بعد أن تكونَ سكنت وانطفأت محركاتها في الليل، لكي تعودَ للعملِ بكفاءة. فكيف إذًا بالإنسان الذي ماتَ ثم عادَ للحياةِ من جديد؟ أم لأنه اعتاد هذه النعمة كل يوم لم يعد يشعر بها؟! على ذلكَ إليكم هذه الأنماط من الاستيقاظات:
الأول، يرن جرس المنبه، يضغط على زر المنبه مرّات قبل أن يستيقظ ويمسك بجهازِ الهاتف ويتصفح ما تجمع من رسائل في السَّاعات التي ينام فيها، ثم يجول على بقيَّة التطبيقاتِ الاجتماعيَّة. نكتةٌ من هنا، ومقطعٌ مصور من هناك، وبينهما ما تجمع من رسائلِ الأصدقاء التي لم تنقطع لحظةً واحدة. أما في الغربِ ينصحونَ المستيقظ بأن يعلّي صوتَ الموسيقى قدر ما يستطيع، ولا بأسَ أن يرقص أيضًا، قبل أكوابِ القهوة وتمارين اليوغا، وغيرها من الجيِّد والرديء حسب مقاييسنا.
الثَّاني، يبدأ بشكرِ الله على الاستيقاظِ سالمًا معافى وفي عدادِ الأحياء، يسجد للهِ شكرًا، ثم يقرأ ما استطاعَ من آياتِ القرآن الكريم وبعضًا من الصلواتِ والأذكار. ومن ثمّ يبدأ اليومَ على بركةِ الله، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
أما استيقاظ النبيّ محمد صلى الله عليه وآله فهو أجمل استيقاظ:
ما استيقظَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله من نومٍ قط إلا خرَّ لله عزّ وجل ساجدًا.
روي أنه صلى الله عليه وآله لا ينام إلا والسواك عند رأسه، فإذا نهضَ بدأ بالسواك، وقال صلى الله عليه وآله: لقد أمرت بالسواك حتى خشيتُ أن يُكتب علي، وكان صلى الله عليه وآله: مما يقول إذا استيقظ: “الحمد لله الذي أحياني بعد موتي، إن ربِّي لغفورٌ شكور” وكان يقول صلى الله عليه وآله: “اللهم إني أسألكَ خيرَ هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته، اللهم إني أسألك خيره وخيرَ ما فيه، وأعوذُ بك من شرِّه وشرِّ ما بعده”.
كان للنبي محمد صلى الله عليه وآله أصناف من الأقاويلِ والأدعيةِ الجميلة يقولها إذا أخذَ مضجعه، وعند استيقاظه؛ ذلك لأن فترة النّوم بالنسبةِ للمؤمنين – وهم مصِيبون – ليست فترة انقطاعٍ من الطَّاعة، بل فترة راحة، قبل الاستيقاظ لمواصلة السّعي والكدّ والعبادة، وفي كلّ ذلك أجر.
هل تستغرب أن من وصايا الاستيقاظ الجيِّد في الغرب هي ألا تفسد يومك بتصفح الهاتف أو التطبيقات الاجتماعية أو البريد الإلكتروني باكرًا؟ لأن ذلك سوف يأخذ من وقتك الثمين الذي من المفترض أن تستعد فيه ليومٍ جديد. وقد يحمل الهاتف كثيرًا من الأخبارِ والرسائل السيِّئة التي يمكنك أن تعرفها لاحقًا!