بمناسبة اليومِ العالميّ للمسنين الذي مرَّ قبلَ يومين، في الأول من أكتوبر، نرجو من الشَّباب أن يتحملونا، نحن كبار السنّ، فوق الستّين عامًا، الذين من المتوقع أن يتضاعفَ عددنا في جميعِ أنحاءِ العالم ليصلَ إلى أكثر من ١.٥ مليار شخص في عام ٢٠٥٠م. وعليهم أن يبذلوا جهدًا أكبر لنحظى بحياةٍ أسعد وأسهل. مطالبنا جدّ سهلة وضئيلة:
أعطونا فرصةً ومساحةً أكبر من الرَّاحة، لأنكم سوفَ تكونون مثلنا، في موقعِ المتلقي في المستقبل. ويومها تودون أن تحصلوا على فرصتكم أيضًا من الشَّباب. وقِّرونا وأجلّونا، تكسبوا فينا أجرًا، فقد وردَ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله: “من إِجلالِ الله إجلال ذي الشَّيبةِ المسلم”. لا تستخفوا بأفكارنا، واستفيدوا من تجاربنا. لأننا تقدمنا في العمرِ وصرنا كبارًا في السنّ، نتوقع منكم أن تعطونا بطاقةَ مرورٍ بأمان. نُقدَّم في دخولِ الباب، يُفسَح لنا في المجالس، لا يُنظَر لنا بشزر، لا يُرد علينا بقسوة، يُفسح لنا الطريق، وأجمل عبارة هي: إن شاء الله يا عم!
مطالبنا منكم، لا تنفي ولا تمحو اعتزازنا وافتخارنا بكم، ودعوتنا إياكم لمراجعةِ القيمِ التي تسالمَ عليها العقلُ والدِّين والعُرف بأنها قيم محترمة، لا يجب أن تتعرضَ لعواملِ التعرية والانقراض، فقط لأن الجيل تغير – أو تطور – وعليه تتغير القيم والمثل!
أنتم جيلُ الشَّباب لكم “شره الشباب”، ومنتَهى الحماقة أن يكون هذا الشره على حسابِ القيم الجيِّدة وحسن معاملةِ كبار السنّ. وبالتالي يجب ألا يؤثر الشَّرخُ والفارقُ بيننا على الثوابتِ والقيم الروحيَّة والاجتماعيّة، وأول مظاهرها احترام وتقدير من هم أكبر سنًا.
تذكروا أنه “لا يمكن الشَّجرة الطيِّبة أن تثمرَ ثمارًا رديئة ولا الشَّجرة الرديئة أن تثمرَ ثمارًا صالحة”. كما تكيلون لكبارِ السنّ يُكال لكم من شبابكم، وكما تُجازون شيبانكم يجازيكم شبابكم!
كنّا مسرورين بالشّباب، وبالشيبِ أيضًا مسرورين، ولقد جرى على لسانِ من سبقونا من كبارِ السن: يا الله بالشَّيب ولا العيب. اليوم نعطيكم الرايةَ تحملونها كما حملناها قبلكم، إذ لو دامت لنا ما وصلت إليكم!