
زيارة الإمام الحسين “ع” في يوم الأربعين أو في الأربعينية تعتبر من أهم المناسبات عند محبيه وعشاقه، حيث يتوافد مئات الآلاف من البشر من العراق ومن مختلف أنحاء العالم إلى أرض كربلاء مشياً على الأقدام رجالًا ونساءً بأطفالهم وشيوخهم، حاملين الرايات لزيارة رجل عظيم وسيد من سادات الجنة استشهد على أرضها.
كل عام تقام أربعينية الإمام الحسين “ع” في اليوم العشرين من شهر صفر والذي يوافق مرور 40 يومًا على استشهاده “ع” في كربلاء الشموخ، حيث يتجدد فيها الحزن لمحبي آل بيت الرسول “ع” عندما قامت سيدتنا ومولاتنا زينب بنت علي “ع” مع الإمام علي بن الحسين السجاد “ع” ومعهم الأيتام قادمين من الشام بالمرور على أرض كربلاء وزيارة قبر سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي “ع”.
إن معركة كربلاء أو واقعة الطف الخالدة تعتبر ملهمة للمفكرين والشعراء والمثقفين، كونها مدرسة لتعليم المبادئ والقيم الإنسانية، وفيها دروس نتعلم فيها الإيمان والصدق والتضحية والصبر على البلاء وعلى كل المعاني والقيم النبيلة، وهذا قاد الكثير من رجالات التاريخ إلى استثمار مفاهيم ثورة الإمام الحسين “ع” الشامخة، بالانتفاع روحيًا وفكريًا من مبادئها ومن المواقف السامية التي رافقتها، من أجل الوصول إلى الكمال الإنساني.
الجموع الغفيرة التي تأتي من داخل العراق ومن خارجه وتزحف صوب قبر الإمام الحسين “ع” لتأدية زيارة الأربعين تتباين وتختلف ثقافاتهم وجنسياتهم وأعمارهم ووعيهم، لكنهم متفقون على هدف واحد وهو زيارة سيدهم وسيد من سادات الجنة والتقرب إلى الله تعالى عبر الوصول إلى المرقد الطاهر، والحصول على درجة من الكمال الإنساني عبر غرس القيم والمبادئ التي جاءت من أجلها ثورة الإمام الحسين “ع”.
هناك الكثير من الرسائل التي تكتبها الأنفس التي جاءت تلبي نداء سيدها عندما ظل وحيداً في أرض كربلاء بعد أن قتل جميع من معه وعددهم قليل مقارنةً بالطرف الآخر، والمخرجات الإيجابية التي يمكن أن يستثمرها الزاحفون نحو قبر الإمام الحسين “ع” في يوم الأربعين لتكون لهم منهاج عمل على أرض الواقع ومنهجًا دائمًا في الحياة، لكي يصل الإنسان إلى درجة بلوغ الكمال النفسي، وليس فعلًا آنيًا ينتهي مع نهاية مراسيم الزيارة.
الملايين من العشاق في المسيرات الراجلة أو ما نسميه بالمشي نحو كربلاء الحسين “ع”، إنما هو فعل قصدي يمارسه عشاقه في كل عام، وهذه الشعيرة هي بحد ذاتها رسالة إعلامية لها أبعاد فكرية وتاريخية لحركة الإمام الحسين “ع” وشرح أبعادها الإنسانية، والفهم العميق لمغزى مسيرة الأربعين والتركيز على أنها حركة إصلاحية جاءت من أجل السلام وكرامة الإنسان.
وفي الختام: خليط من عباد الله في مسيرات راجلة نحو كربلاء الشموخ، يلبون نداء سيدهم وسيد من سادات الجنة، رافعين رايات النصر الإلهي لحركة الإمام الحسين “ع”، وقضيته من أجل سيادة القيم والمبادئ في الحياة، وعنواناً شامخاً للسلام من محبيه الذين لا يتغيرون مهما تعرضوا للمصائب والمحن.