لا يوجد ترياق أجمل من براعة الأسلوب وانتقاء الكلمات في طرق أبواب القلوب، وتأتي الكلمة الطيبة في المقام الأول عندما تتصدر أحاديث البسطاء الصالحين، والمؤمن الحقيقي من تسكن البساطة في قلبه مهما بلغ رصيده المصرفيّ فلا يعيب ولا ينتقص، يخلو حديثه من حيل الثعالب ولا يسلك أساليب الثعابين في رمي حجارة القول على الآخرين.
من كلفني بكتابة هذه الكلمة أصرّ عليّ الحديث عن تفاصيلها المتعبة التي لم يستطع قلمي تجاوزها وسجلت طرفًا من تفاصيلها.
هي صديقة مقربة ليست لي فحسب وإنما يحبها الناس لدماثة خلقها وسمو مقاصدها، عقلها الكبير يحوي لؤلؤة ثمينة لا تقدر بمال، يزينها الحكمة، ويسترها العفاف، زوجها ميسور الأحوال فلا يُعد من الأثرياء ولا نصنفه من المعوزين الفقراء.
لا يحكمهما قيد الكماليات، ويمثلان الجمال المرتبط بالبساطة على نحو لا ينفصم.
تقول صديقتي: إحدى قريباتي تزعجني كثيرًا ما أن ترى أولادي إلا وعاث لسانها فساد القول، وانتابتها حالة فرعونية قائلة لهم: “بلا شك قميصك من سوق الجمعة، والبنطال ربما من سوق الثلاثاء”.
وبالرغم من الهندام المرتب الذي يبدو على أولادها إلا أنها تبالغ في التجريح إذلالًا واحتقارًا وهذا سلوك الحمقى وللأسف الشديد.
إنّ تلك العقول التي امتلأت بالهراء والخزعبلات تمتلك أدنى ما يخرج الإنسان من الإيمان إذ يقول الحق تبارك وتعالى: “ليأذن بحرب مني من أذلّ عبدي المؤمن وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن”. لقد دمرت الكلمة حضارات إنسانية سامقة، فكيف بمخلوق ضعيف ؟!
ثمّة شيء بالغ الأهمية يجب أن تضعه في ذهنك إلا تسهب كثيرًا عن الحديث عمّا يملكه الآخرون، ولا تمدنّ عينيك على أمور يجب أن تغضّ بصرك في حضرتها وإذا كان لابد من الحديث ليكن ديدنك ترسيخ المشاعر الإيجابية في النفوس لتبقى لك ذكرى حسنة فيها مادمت حيًا.
يُروى عن الإمام الصادق أنّه قال: “أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يؤاخي الرجل الرجل على دينه فيُحصي عليه عثراته وزلاته ليعيره بها يومًا ما”.