في الآونةِ الأخيرة التقيتُ شابين في وزنٍ مثالي، وأكبرتُ في كليهما خسارةَ الوزنِ الكبيرة جدَّا – ٧٥ كيلوجرامًا – دون مشرط الطَّبيب الجرَّاح، بل بتقليل فاتورةِ الطَّعام وبالعزيمة التي لا تنكسر.
الآن، أصبحت خسارة الوزن بواسطة مشرطِ الجرَّاح أمرًا عاديًّا، والكثير يجعلها الخيارَ الأسرع، لكن إذا استطاعَ الإنسان أن يقي نفسه ألمَ المشرط، وخسارةَ المال، وكسبَ الصحَّة المتأني، فلم لا؟
كيف لا نزداد وزنًا كبشر إذا ما أكلنا أكثرَ من حاجتنا، وأكلنا وأكلنا حتى بعدَ منتصفِ الليل؟ في وقتٍ من المفترض أن تستريحَ فيه محركاتُ الطَّاقة والهضم؟! هذه السَّيطرة المطلوبة على شهوةِ الطَّعام ليست سهلة لأن هناك في كلِّ جهةٍ نظرنا شركة ومصنع يدعونا لنشتري الأكلَ منه ويقسم بأغلظِ الأيمان أنه يجعلنا أصحَّاء. أينما التفتنا وجدنا طعامًا مغلفًا بأجملِ الألوان ومذيَّلًا بأجملِ العبارات، وإذا أردنا شراءَ غرضٍ واحد، فعلينا مقاومة حواسنا الخمس، وإلا اشترينا أغراضًا عدَّة، وفي بعض هذه الأغراض ما يعمل عملَ السمّ، وإن بشكلٍ بطيء!
هذا الغذاء المعقد، الذي عندما نقرأ عدد المركباتِ الكيميائيَّة في علبةٍ صغيرة نظنّ أننا اشترينا صيدليَّة كاملة من المركباتِ الكيميائيَّة، إذا ما قللنا منه، وعلى الخصوص المطبوخ خارج المنزل، سوف نكون بحاجةٍ أقل لمشارطِ الجرَّاح. لا نجوع أو نتوقف عن متعةِ الطَّعام، بل نأخذ منه ما يكفي وما انتظمَ في الكميَّةِ والوقت. وما يدفع للأسف – في وقتنا الحاضر – أنه من النادر أن نجدَ شخصًا لا يأكل ليشبع شهوته، ويأكل – فقط – ليؤدي دوره ووظائفه البيولوجية.
“راحة البدن في قلَّة الطعام”، أجسامنا صانعها أفضل صانع، إلا أن لها مكنةً تحتاج إلى راحةٍ ووقود يمكنها من العملِ بكفاءة ويخلِّف قليلًا من الضرر. وفي حين أن الغذاءَ والأكل يحدث متعةً كبيرة، فإنه سلاح ذو حدين إذا قلّ كثيرًا أو زاد كثيرًا!