المنبر الحسيني والحوار المعتدل

تدخلت العواطف والمصالح مع الخوف والمواقف بالإضافة للحب والكراهية في كتابة التاريخ وتحري الدقة في نقل مروياته وقل أو ندر الإنصاف فيه قديمًا وحديثًا وحتى يومنا هذا، “إلا ما رحم ربي”، الكل منا يعرف ذلك حتى من جهل أو حجم إدراكه وتعصب لرأيه. ما بين حين وآخر يخرج علينا محقق ينفي منقولًا تاريخيًا متداولًا بل ومسلمًا به اجتماعيًا ولكنه يملك الدليل على فقدان أصله وعدم وجود صحته.

ومع أنه ليس من الأمور الوقفية أو له في التشريع والعبادات مكان. ولا يغير شيئًا من الواقع أو ينقص من قيمة المأخوذ منه أو عنه لا هذا ولا ذاك. تقوم عليه قيامة البعض للرد بنبرة تشم منها رائحة العداء والتنقيص ومساع حثيثة للتسقيط. وذلك بترك أصل القضية والسبب “أن ما قيل صحيح والراد لا يملك جوابًا يخالفه” فيتجه لإثبات شجاعته إلى أسلوب الشخصنة ويتناول من ذات القائل وربما الراد كان على المنبر الحسيني غير مبالٍ بقدسيته أو بلباسه الديني المعروف في الوسط الحوزوي. لماذا؟ أهذا حق المنبر؟ من فترة استمعتُ لأحد الخطباء “المشايخ” أصلحه الله وهداه وهو على المنبر يقول ابن المرجع الفلاني “فاسق” أبمثل هذا الكلام حقًا يذكر مرجع ملأ الخافقين بعلمه هذا شكرنا له أو ترحمنا عليه؟

ألا يجدر بنا ويستحسن تحييد منبر الإمام الحسين عليه السلام عن مثل هذا القول ومثله العشرات والمئات. إلى متى ونحن العامة بدلًا من أن نأخذ توجيهاتنا لنصلح بها ما اعوج من أمرنا من على المنابر ورجال الدين؟ نأخذ النعرات الاجتماعية ونسقيها بأهوائنا حتى نصدر بها أشتاتًا وجماعات متناحرة. لو سُئل هذا عن الغيبة والنميمة والتشهير بالآخرين وما هو فاعله ماذا يقول وهو سيدها والمتبنّي لها؟ أنا وإن كنت أقل المجتمع فهمًا وثقافة أقول وأرجو من الجميع خصوصًا في حالة الحوار حول ما هو ثابت من عدمه: يجب أنْ تُقارع الحجة بالحجة والدليل بما يعارضه بعيدًا عن الذات. أما ترك المادة المعنية بالبحث إلى الرد الهمجي فهذا دليل العجز والإفلاس وتثبيت الحقد والكراهية علنًا في القلوب وطلب البقاء لها وخلق أحزاب وعداوات بين طبقات المجتمع فقد خزينا والله من الشماتة علينا “قل خيرًا أو اسكت” مع كل التقدير لك أيها الراد حافظ على قدسية المنبر ولا تستخدمه لظهورك وشهواتك ولا تتشفى من فوقه وتشغل أبناء المجتمع في مواقع التواصل بما لا يحمد عقباه من النتائج السلبية العدائية بينهم.

احترم العمامة وطهارتها لا تستغلها خلافًا لأغراضها فتغوي بها عوضًا عن الهداية، يجب أن توضح الحقيقة بطريقة علمية راشدة مبتعدًا عن المواقف الفتنوية إن كان عندك علم لم يطلع عليه أو يصله به تصلح معلومات مغلوطة اعتمد عليها وأوضحت حقيقة أقنعت بها العامة.

وفّقنا الله جميعًا لما فيه الخير والصلاح.



error: المحتوي محمي