ابحث عن شغفك، سر وراء أحلامك ومشاعرك عبارة امتلأت بها كتب التنمية البشرية واعتاد على سماعها كل من يحضر دورات في تطوير الذات من ذاك المحاضر بثيابه الأنيقة وأسلوبه الجذاب وهو يقف على تلك المنصة الفخمة والموسيقى الهادئة وسط عاصفة من التصفيق الحاد على أدائه الدؤوب.
يبدأ معها مرحلة تعبئة الجمهور بتمرير تلك الهتافات والشعارات الرنانة (تقدر- تقدر- أنت أقوى- هيا – بطل – ماذا تنتظر) بعدها يستعرض مجموعة من الحالات التي سارت وراء أحلامها ومشاعرها وحققت أموالًا طائلة وشهرة كبيرة.
تلك العبارات رغم قوتها وتأثيرها قد تكون خادعة وصادمة للبعض في أحيان كثيرة لأن نفسية الإنسان بعد سماع تلك الخطابات تتوقد روحه بالحماس وتشتعل معها جوارحه لبدء مشروع أحلامه المنتظر طبقًا للوعود التي قدمها ذاك المتحدث وجرعات التحفيز التي استقبلها (المخدرات الوهمية) راح بعدها يرسم عالم سعيد متفائل واثق الخطى يمشي ملكًا وهنا أطرح بعض التساؤلات:
هل سيكون طريق النجاح سهلًا ومريحًا لهذه الدرجة؟ الحقيقة المرة التي يخفيها عنا بعض التحفيزيين أن النجاح الدائم رحلة محفوفة بالمخاطر مع العمل الجاد والدؤوب قد يغيب التوفيق عنك ولا تحقق ما تريد.
دراسات كثيرة في هذا الجانب، أكتفي بدراستين أمريكيتين واحدة كانت لـ صحيفة نيويورك تايم ذائعة الصيت تؤكد على أن 90% من المشاريع الناشئة والشركات والأعمال الصغيرة تنتهي بالفشل وتفكك المشروع أو الشركة، أي أن شخصاً واحداً من كل عشرة أشخاص سيكون هو الرابح، هو من سيتمكن من تحقيق أحلامه وأما البقية فسيغرقون في دوامات اليأس والديون. وأخرى لـ{إيرين جريفيت نشرتها في مقال لها بمجلة (fortune)، تقول: “إن بالولايات المتحدة تبلغ نسبة فشل المشاريع 50% بعد خمس سنوات من بدئها أما إذا استمرت خمس سنوات أخرى ترتفع النسبة إلى 70%.
ما قيمة الشغف إذا لم تكن قادرًا على تأمين لقمة عيشك؟ ما قيمة الشغف وأنت لا تجد ما يسد رمقك، ما قيمة الشغف وأنت لا تجد ما تعطيه لأولادك وعائلتك. إن ملاحقة شغفك أمر جائز ولا إشكال فيه بل هو أمر مشروع ويزيد من فرص نجاحك وتقديرك لذاتك، لكن لا يمكن لك أن تبدأ به حياتك بالتالي الشغف ليس هدفًا أوليًا بل هو آخر خطوات السلم.
ماذا تحتاج كي تحقق نجاحًا مستدامًا بعيداً عن تلك المسكنات التحفيزية؟ ارسم خططًا واقعية لحياتك العملية وفق متطلبات سوق العمل. ابحث عن قدراتك وإمكانياتك أين؟ بدلًا من البحث عن شغفك فقط. لا تندفع لفكرة ما لأنك متحمس لها فقط، ادرسها جيدًا بكل تفاصيلها. طور مهاراتك بشكل مستمر ودائم. كن مستعدًا لاقتناص الفرصة واصطيادها مع أول زيارة لها. تذكر دائمًا أن تحقيقك للتوازن بين الدوائر الأربع دائرة شغفك واهتماماتك ودائرة عملك ودائرة رسالتك الشخصية ودائرة مهاراتك وإمكانياتك هو ما يحقق لك النجاح فعلاً.