بالرغم من تعدد مبادرات التوطين لمهنة الصيد، ومحاولة جذب السعوديين لدخول البحر والإمساك بدفة الصيد وإعادتها كما كانت مهنة للنواخذة، والصيادون والبحارون يتوارثوها أبًّا عن جد، فإن أغلب تلك المبادرات لم تتمكن من النجاح، فنسبة السعوديين في مهنة الصيد تتقلص سنة عن أخرى، فبعد أن كانت نسبة السعوديين في 2018 حوالي 16.8 % انخفضت إلى 15.4 % خلال العام الحالي بالرغم من شكوى الصيادين من قلة الأيدي العاملة فإن المهنة لم تتمكن من جذب الشباب إليها رغم جميع المحالاوت وأصبحت مهنة غير مرغوبة بالرغم إطلاق العديد من مبادرات التوطين وتعهد وزارة البيئة والمياه والزراعة بتوطين قطاع الصيد بنسبة 100 %.
مبادرات ودراسات
أرست وزارة البيئة والمياه والزراعة منافسة على مكتب للاستشارات الهندسية في 1441 بـ1.821.750 ريالًا، لـ«إعداد دراسات تطويرية لمبادرة توطين مهنة الصيد بالمملكة العربية السعودية». كما تعتزم الوزارة الاستعانة ببيت خبرة، لتقديم دراسات استشارية من أجل توطين قطاع الصيد بالمملكة، بهدف توطين مهنة الصيد بكل أنواعه في مناطق المملكة الـ13.
كما وعد وزير البيئة والمياه والزراعة، المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، بتوطين قطاع الصيد قريبًا، ليصبح جميع العاملين به سعوديين 100 %. وأكد «الفضلي»، خلال زيارته المنطقة الشرقية مؤخرًا، أن الهدف من التوطين هو تمكين الشباب من العمل، وتوفير فرص في كل القطاعات. مرفأ الصيادين أشار وكيل وزارة البيئة، أحمد العيادة، إلى وجود 4 مرافئ مطورة للصيادين في المنطقة الشرقية. كما يوجد 12 مرفأً غير مطورة مدرجة ببرنامج التحول الوطني، لتطويرها، وسيتم طرحها في أقرب فرصة.
وفي 27 أكتوبر 2020، أطلق وزير البيئة والمياه والزراعة مبادرة «توطين مهنة الصيد» بمرفأ الصيادين في مركز الشقيق، التابع لمحافظة الدرب، التي تستهدف تدريب 560 شابًا بنسبة 112 %. ويضم المرفأ منطقة للخدمات اللوجستية، ويتسع لنحو 120 قارب صيد، ويحتوي على مبانٍ مجهزة للثروة السمكية وحرس الحدود، وأجهزة مراقبة، ومحطة تعبئة وقود بجميع ملحقاتها، ورصيف مع منحدر، لتنزيل القوارب إلى البحر، وعوامات لركن القوارب، وكاسر أمواج مدعم بالإنارة، يمتد على طول حدود المشروع.
انخفاض نسبة السعوديين
تظهر بيانات حديثة للهيئة العامة للإحصاء بأن عدد العاملين في أنشطة الصيد في المملكة خلال الربع الأول من العام الحالي ارتفع عن العام الماضي إلا أن نسبة السعوديين انخفضت مقارنة بعدد غير السعوديين العاملين في الصيد حيث بلغ مجموع العاملين في الصيد 106.300 منهم 16.434 سعوديًّا بنسبة 15.4 % و 89.866 غير سعودي بنسبة 84.6 %، في حين كانت نسبة السعوديين في العام السابق 2020 حوالي 15.6 % من 101.185 يعملون بالصيد، وهي نسبة أقل من العام 2019 والذي بلغت فيه نسبة السعوديين 16.4 % من 94.071 صيادًا، وأيضا كانت منخفضة عن العام 2018 الذي بلغت فيه نسبة السعوديين 16.8 % من اصل 97.202 يعملون في مهنة الصيد وهو العام الأعلى بنسبة السعوديين، حيث كان في 2017 و2018 كانت نسبتهم حوالي 16.3 %.
معالم التوظيف
يرى عضو اللجنة الزراعية والثروة السمكية بغرفة الشرقية جعفر الصفواني بأنه ليس هناك مهن عصية على التوطين ولكن هناك مهن لها أنظمة واضحة وتدرجها الوظيفي واضح المعالم، وسلمها المالي للرواتب، وضمان اجتماعي، وعلاج، وأمور متعلقة بالوظيفة من حوافز وغيرها حيث أهل الاختصاص أدرى بتفاصيلها فهذه الرغبة لها أكثر، وهناك وظائف شبه واضحة المعالم أي الدولة لم تكمل بقية بنودها في وزارة الموارد البشرية، فالقادم إلى الوظيفة يسعى لها لاضطراره والسبب مستواه الدراسي أو طول فترة البحث بوظيفة تتناسب مع شهادته فيقبل بهذه الوظيفة، وهناك وظائف واضحة المعالم الوظيفية أو شبه واضحة ولكنها كثيرة المخاطر فيكون العزوف منها في حال وجود فرص أخرى وهذه أقل حظا من الاثنتين السابقتين، أما التي هي لا معلومة المعالم وفيها خطورة عالية ومستقبلها غير معلوم فهذه هي التي يكون التوطين فيها أصعب من غيرها، كما لا ننسى وجود المنافس الرخيص في الراتب وهو الأجنبي للشركات التي ربحها بالكاد يغطي مصاريفها وأرباحها قد تكون معدومة أو قليلة، ومن هنا نرى مهنة الصيد تقلصت وشبه انتهت كمهنة للسعوديين ما عدا قوارب النزهة وبعض قوارب السعودة.
تحدي التوطين
يضيف الصفواني بأنه في السنتين الماضيتين وزارة البيئة أوجدت تحديًّا جديدًا ومن نوع آخر في التوجه لتوطين مهنة الصيد والتي كان قبلها اجتماعات ولقاءات مع الجمعيات التعاونية، وكذلك مع كثير من النواخذة سواء في الخليج العربي أو البحر الأحمر والتي نتج عنها فكرة توطين المهنة وتذليل الصعاب للمواطن لكي يخوض التجربة فدربت بعض المواطنين المحب للمهنة، وكذلك فتحت الباب لمن لديه خبرة سابقة لخوض تجربة انجاح توطين مهنة الصيد وهذا كله عمل رائع حيث أوكلت وزارة البيئة المهمة لمنظمات المجتمع المدني وهي الجمعيات التعاونية والتي في العادة لها مردود ممتاز كتجارب عالمية، ولكن مهنة الصيد من المهن الخطرة جدًا، والتي يحتاج محترفوها إلى خبرة كبيرة تكتسب في البدايات عبر مخالطة الصيادين القدامى، والتدرب على المهنة تحت إشرافهم، ولهذا نرى أن بعض العائلات تتوارث هذه المهنة كابراً عن كابر فيما يحجم الكثير من الشباب عنها.
عوامل الصعوبة
يرى الصفواني أن عوامل الصعوبة في مهنة الصيد تنقيم الى 4 أقسام الأول مناخي وموسمي، إذ لا يتمكن الصياد من ممارسة عمله في حال استياء الطقس فما يقارب 120 يومًا خارج الخدمة منها حالة الطقس ومنها أمني وما تتطلبه حماية البيئة بحظر صيد بعض الأصناف في مواسم معينة ومثالها الربيان ستة اشهر في السنة، والقسم الثاني شخصي، يتمثل في جانب القوة البدنية للصياد، وتحمله المناخ، وشجاعته، وذكاءه، وخبرته في ارتياد أماكن الصيد، وهذا ما يميز الصيادين فالبعض يأتي بالخيرات والبعض قد تكون كلفة طلعته إلى البحر أكثر من صيده، كما أن بعض المرافئ مغلقة لعدم تهيئتها والمواني والمرافئ المهيئة ليست كاملة كما يريد الصياد مما يسبب له بعض الأمراض المزمنة في المستقبل وأكثرها الأم العامود الفقري ومشاكله وصعوبة نقل مواد ومستلزمات الصيد والوقود للطرادات مثلا من السيارة إلى القارب وهذه إن شاء الله تحتاج فترة من الزمن لإنهاء مثل هذه المشاكل، أما القسم الثالث فهو تجاري، إذ أثر السماح باستيراد الأسماك من الخارج على الإنتاج المحلي للصيادين، لقلة الصيد المحلي وهذا بسبب الانظمة القاسية التي على الصياد والآن الدولة توجهت إلى الاستزراع،وهذا يدعم احتياج المملكة وقد يخلق منافسة للصياد، والقسم الرابع ما يتعلق بالأنظمة حيث كثير من المواقع ممنوعة من قبل أرامكو لوجود منشآت لها، وكذلك شدة تطبيق الأنظمة على المخالف سواء بالغرامات أو السجن أو حرمانه من الصيد والكثير في ذلك.
فكرة التوطين
يشير الصفواني إلى أن فكرة التوطين فكرة رائدة وفرح بها الصيادون السعوديون ولكن لا بد من إيجاد آلية لاستمرار الصياد في المهنة وهو عمل مطلوب على الجهات المعنية، فيكون الصياد مثله مثل أي موظف في أي شركة رائدة من حيث الامتيازات التي يحصل عليها الموظف وهنا تكمن قدرة وإمكانية الجهات المعنية في إيجاد التأمين والسلم في الراتب له رغم أنها مهنة حرة ولكن يحبذ للجهات المعنية النظر للصياد في ذلك، وكذلك التأمين الطبي له ولأسرته وأبويه بحيث ألا يكون عالة على المجتمع عند تقدم سنه وقت التقاعد أو لا سمح الله إصابة مزمنة أو الوفاة.
مخالفات وتلاعب
يرى كبير الصيادين بالمنطقة الشرقية وممثل جمعية الصيادين رضا الفرادان بأن هناك مخالفات وتلاعب يفقد مهنة الصيد قيمتها كمخالفات صيد الأسماك بإحجام صغيرة جدًا وتأثير ذلك على جودة الصيد وكميته في موسمه، فالصياد الذي يدخل للبحر يعاني من الخسائر بسبب المخالفات التي تقع من قبل الصيادين المتسترين والذين يقومون بالمخالفات ما يتسبب بقلة الصيد بسبب صيد الأسماك الصغيرة وصيد الأسماك في مرحلة التبويض ولو يكون هناك التزام بأنظمة الثروة السمكية وتطبق بشكل كامل في الموانئ وفي كل الجهات المعنية فيصبح بالبحر خير وفير ويتمكن السعودي من الدخول في البحر الان لا يستطيع السعودي الدخول للبحر لقلة المردود المادي من دخوله، والكثير من الأسماك قابلة للانقراض بسبب الصيد الجائر من قبل المخالفين حيث رأينا أسماك الصويفي بطول المفصل ولا يتجاوز طولها 3 سم ورأينا السوق بها كميات كبيرة منها كيف تم صيده وإخراجه للسوق؟! مضيفًا أن هناك مخالفين يدمروا الثروة السمكية من الصيادين يجب أن يعاقبوا ويخالفوا لارتكاب المخالفات بحق الثروة السمكية وتسهيلها للصيادين الأجانب عن طريق التستر، مشيرًا إلى أن نسبة السعوديين قليلة لأنه لا يوجد حافز لديهم حيث إنهم يحتاجون لتأمينات اجتماعية، وتأمينات صحية، من قبل الثروة السمكية على الأقل يتبنون مثل هذه الحوافز، ويتم إيقاف المخالفين ليتكاثر السمك ويكون هناك صيد ومردود مادي مجزي، حيث إن ارتفاع أسعار الأسماك هو نتيجة للصيد المخالف، فإذا تم صيد سمك الهامور بأحجام صغيرة جدًا لا تتجاوز كف اليد كيف يمكن أن يكبر ويتكاثر، ومثله الصويفي يتم صيده بأحجام صغيرة جدًا وبكميات كبيرة، هذا الأساليب تقلل الصيد وتبعد السعوديين عن هذه المهنة.