نكبر بين مجموعةٍ من الإخوة، ذكورًا وإناثًا، فتتغير طبيعةُ حياتنا في سنواتِ الطفولة، وما بعدها. إخواننا وأخواتنا، هم أول من نلعب معهم، وأول الأصدقاءِ وأجمل الذِّكريات. واحدة من هذا الفريق، هي الركن الذي إذا ما ذُكر استحقَّ نياشينَ التميز، تلك هي الأخت الكبرى!
توضِّح الدراسات أن الأخواتِ الكبار هنّ أسرار ومفاتيح النَّجاح لمن بعدهنّ، بحيث يفوق دورهنّ دورَ الإخوةِ الكبار. وقد وجدت الدراسات العلميَّة أن من لهم أخوات أكبر، حصلوا على درجاتٍ أعلى في التطور، وكأنما الأمّ – هي التي – قضت عدَّة سنواتٍ إضافيّة في تعليمهم.
درسَ الباحثون في دولة كينيا حوالي ٥٥٠ حالةً زوجيَّة، فيها ٦٩٩ طفلًا صغيرًا وإخوة أكبر، بين السّابعة والأربع عشرة سنة من العمر، ولاحظوا أن البيوت التي كان فيها أخوات كبار، حصل الصِّغار فيها على قسطٍ أكبر من الرِّعاية، أكثر من العوائل التي كان الكبار فيها من الذكور، ومن ثمّ كان التطور المعرفي لديهم أكبر.
مع أن الخبراء يعتقدون أنهم بحاجة إلى دراساتٍ أكثر عمقًا، إلا أن نتائج البحوث كانت متشابهة في أرجاءِ العالم، ولهذا استنتجوا أن الأخواتِ الكبار أكثر قابلية لتحمل المسؤوليَّة، بما في ذلك رعاية الإخوة الصِّغار، وأن العيشَ تحت ظلال أختٍ أكبر، هو أكثر نفعًا مما نظن!
من منَّا لم يقرأ عن محنةِ أمّ النبيّ موسى عليه السَّلام عندما ولدته تحت سلطةِ فرعون الذي كان يبحث عنه ليقتله؟ بلغ أم موسى أن فرعون قد أخذه فحزنت وبكت كما قال الله: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} يعني كادت أن تخبرهم بخبره، أو تموت ثم ضبطت نفسها، فكانت كما قال الله عزّ وجلّ: {لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، ثم قالت لأختِ موسى: قُصِّيهِ، أي اتبَعيه، فجاءت أخته إليه {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، فلما لم يقبل موسى بأخذ ثدي أحدٍ من النِّساء اغتمّ فرعون غمًّا شديدًا فقالت أخته: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}، فقالوا: نعم، فجاءت بأمِّه، فلما أخذته في حجرها وألقَمته ثديها التقمه موسى وشرب ففرحَ فرعون وأهله وأكرموا أمَّه فقالوا لها: ربِّيه لنا فإنا نفعل بك ما نفعل، فهل هناك أجمل من هذه الأخت؟!
حقّ أن يشكرَ اللهَ من كان أكبر ولده بنت، ومن كان أكبر إخوته أنثى!