صدرت عن دار “أطياف للنشر والتوزيع” بالقطيف الطبعة الثانية (طبعة مزيدة ومنقحة) من كتاب “تربية الأبناء.. استثمار أفضل” ١٤٤٢هـ، لسماحة الشيخ حسن الصفار، في 48 صفحة مقاس وسط A5.
وصدرت الطبعة الأولى سنة 1433هـ – 2012م، عن دار أطياف للنشر والتوزيع ـ القطيف ـ السعودية، كما صدرت طبعة ثانية للكتاب سنة 1439هـ – 2018م، عن مركز عين للدراسات والبحوث المعاصرة، النجف، العراق.
ويهدف الكتاب إلى إثارة الاهتمام الجادّ بتربية الأبناء، والتأكيد على أولويتها، كما تتضمن بعض الأفكار والمقترحات التربوية، لأن النجاح الأكبر والاستثمار الأفضل هو في التربية الصالحة للأبناء.
وكتب “الصفار” في مقدمة الكتاب: “ما أعظم سعادة الوالدين حين يكون الولد بارًّا بهما، مجتهدًا في أداء حقهما من الخدمة والإجلال، وخاصة في مرحلة الضعف والعجز، حيث يجدان فيه سندًا وذخرًا تتحقق به الآمال المعقودة عليه”.
وأضاف: “وما أشد فرح الوالدين بالولد الناجح في حياته، الصالح في سيرته وسلوكه، حيث يكون مصدر فخر لهما بين الناس، وذكر خير فيما بعد الحياة”.
وتابع: “وما أعلى درجة الوالدين عند اللّه حين يكون الولد مطيعًا للّه تعالى موفقًا لأعمال الخير والصلاح، فينالهما الأجر والثواب، وتنهمر عليهما الرحمة والرضوان”.
وتساءل سماحته في المقدمة: “إذا كان الولد الصالح أمنية كل أب وأم، فإن السؤال الملحّ هو الطريق إلى تحقيق تلك الأمنية والتطلّع؟ وهل صلاح الأبناء مرتبط بعوامل غيبية لا دخل ولا تأثير للوالدين فيها، وغاية ما يمكنهما فعله هو الدعاء والطلب من اللّه سبحانه {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}؟ أم أنه أمر عفوي اتفاقي، وضربة حظ، وليس على الوالدين إلا الانتظار لاستكشاف حظهما ونصيبهما من مستقبل الأبناء؟”.
وأجاب: “لا يشك ذو عقل أن لمستوى التربية والرعاية دورًا أساسًا في صنع مستقبل الأبناء، وبناء شخصياتهم، وتوجيه سلوكهم، فنفوس الأبناء حين يأتون إلى الحياة أشبه بالمادة الأولية القابلة للتشكيل والتصنيع، وقلوبهم كالأرض الخالية الخصبة التي تنمو فيها أي بذرة تغرس في ترابها”.
وأبان أن للوالدين دورًا في تشكيل شخصية الأبناء، وصنع ملامح مستقبلهم، فإذا وعى الوالدان هذه المسؤولية، واستعدا للقيام بمتطلباتها، وبذلا الجهد الكافي في إنجازها، كان الأبناء أقرب إلى خط الاستقامة والصلاح، وأوفر حظًا في تحقيق الرقي والنجاح.
وأشار إلى أن للدعاء والطلب من اللّه تعالى صلاح الأبناء وأن يكونوا قرة عين للوالدين، هو حافز نفسي للمزيد من الجديّة والإخلاص في العملية التربوية، وفي توجيه مساراتها نحو الخير والصلاح، حتى يشملها التوفيق والتأييد من قبل اللّه سبحانه وتعالى.
وذكر أن الدعاء ليس بديلًا عن العمل وبذل الجهد في أي مجال من المجالات، حسب توجيهات الإسلام، بل هو دافع للاجتهاد في العمل، وحافز لإكماله وإتقانه.
واستطرد: “وأما التعويل على حسن الصدف، وضربات الحظ، فهذا ما لا موقع له في تفكير العقلاء، ولا في ثقافة الدين”.
وأوضح أن ما ينبغي الاعتراف به هو دخول عوامل خارجية على خط التربية العائلية، حيث لا تكون العائلة مستقلة في التأثير على أبنائها، بل تشاركها البيئة الاجتماعية بمؤثراتها المختلفة، التي قد تكون عونًا ودعمًا للتربية الصالحة، أو معرقلة ومربكة لها في كثير من الأحيان.
وبين: “في هذا العصر بالذات تضاعف تأثير البيئة الاجتماعية على العملية التربوية، من حيث دور التعليم، ووسائل الإعلام، وتطور وسائل الاتصال الاجتماعي والمعلوماتي، مما زاد في تعقيد وصعوبة مهمة التربية داخل العائلة”.
ولفت الشيخ الصفار إلى أن العائلة لا تستطيع أن تفصل أبناءها أو تعزلهم عن هذا المحيط الخارجي، وهو لم يعد خارجيًا، بل أصبح جزءًا من عالم غرفة الطفل، وساحة للهوه ولعبه، وعنصرًا دائم الحضور والتفاعل معه في مختلف أرجاء البيت، عبر التلفاز والكمبيوتر وأجهزة الاتصال الهاتفية المتطورة، والآي باد وأمثالها.
ومضى يقول: “إن هذا التطور الهائل في الحياة الاجتماعية يجعل العملية التربوية من قبل العائلة أمام تحدٍّ كبير، لا بد من الاستجابة له بمضاعفة الجهد والاهتمام، ومزيد من الإعداد والتخطيط لإنجاز المهمة التربوية”.
وأضاف: “أهم ما يجب التأكيد عليه في هذا السياق أن تبذل العائلة أكبر قدر من الوقت للاهتمام بالأبناء؛ لأن انشغال الوالدين وعدم منحهما الوقت الكافي لرعاية الأبناء، يضعف من دورهما التربوي، ويعطي الفرصة لمزيد من تأثيرات العوامل الأخرى”.
وتابع: “إن الأبناء في مرحلة الطفولة والمراهقة بحاجة ماسّة إلى الكثير من رعاية الوالدين واهتمامهما، وعليهما إعطاء الأولوية لتربية الأبناء؛ لأن نجاح الوالدين في أي مجال آخر لا يمكن أن يعوّض عن خسارتهما بضياع مستقبل الأبناء، وانحرافهم عن جادة الخير والصلاح”.
وجاء الكتاب في ثلاثة فصول؛ الفصل الأول: التربية: الوعي والمسؤولية، والفصل الثاني: مشكلات وتحديات، والفصل الثالث: التعليم: مستقبل الأبناء.