الشَّهامة في القطيف – مادحُ أهله صادق!

أجزم أن لا مجتمعَ يخلو من درجةٍ من الشَّهامة، وأجزم قاطعًا – أيضًا – أنَّ في المجتمع القطيفيّ، في قراه ومدنه، من هذه الصِّفة ما لا يقل، بل يزيد على غيره. “إنّ العصبيَّة التي يأثم عليها صاحبها، أن يرى الرجلُ شرارَ قومهِ خيرًا من خيارِ قومٍ آخرين”، وليس أن يرى الخيرَ في قومهِ أو مجتمعه، ويفرح ويقول: هذا خيرٌ، اللهم زد فيهِ، وبارك!

على كلِّ حال، لا أحدَ يستطيع أن يعطي وصفًا دقيقًا لكلمة “الشَّهامة”، فعلى من يريد أن يعرفها على الحقيقة، لا على المجاز، أن يزور القطيف، ويتعرف إلى أهلها، أما هذه الخاطرة فتبقى محاولة قاصرة لشرح الغرضِ من الفكرة.

مجتمعٌ مضياف، لا يزور الغريب صديقًا له ثم يرحل دون أن يأكل من زاده ويشرب من مائه. لا يتحاشى الصَّداقات والمعارف، وفيه من العطف، لا أظن فقط بالمال! بل يحنّون على بعضهم بعضًا، يتشاطرون المسرَّات والأتعاب وفي بعضِ الأحيان على غرباء لا يعرفونهم بالتبرع بأعضاء من أجسامهم، لكي ينقِذوهم من آلامِ الموت والمرض.

لا يكاد يمر شهر دون أن تُنشر حصيلة الأرقام الجيِّدة، مئات الآلاف، التي جمعها محسنهم لضعيفهم، في تقارير وإحصائيَّات الجمعيَّات الخيريَّة الرسميَّة، وبين مدّة ومدَّة نسمع عن متبرع لمريض بعضو منه، يعود به إلى الشِّفاء والعافية من جديد!

فيهم ليونة وطراوة هواء البحر الذي يعيشون على شواطئه وسواحله، وصلابة أحجار الصوان. ولم يخطئ شيخهم عبد الحميد الخطيّ، رحمه الله، حين اختصرَ المسافات وغاياتِ المقاصد في القطيف:
قالوا القطيف قلتُ غاية قصدنا • القِ المراسي أيها الربَّانُ

ما حداني اليوم أن أكتب عن شهامةِ أهل القطيف، هو أنني احتجت لمساعدة شخصٍ واحد في أمرٍ هيِّن، فهبَّ لي ثلاثةُ أشخاص، وكلما طلبتُ منهم الانصراف، كلهم رفضوا! والحقيقة الحاضرة في هذا الزمان هو تأثر المجتمعات بمن حولها، فهل يا ترى تبقى هذه الشَّهامة في أهلِ القطيف؟ أما إذا سألتني أنا، أقول نعم، ويكفي أن تدومَ في أغلبهم!



error: المحتوي محمي