قد تطرق أسماعنا بعض الألقاب التي ينالها بعض المشاهير مثل لقب سفير أو سفيرة والتي عادة ترتبط بالأمم المتحدة فيكونوا سفراء للنوايا الحسنة، وحتى إن كانت ليست صفة سياسية دبلوماسية كالتي يحملها سفراء الدول المختلفة لدى الدول الأخرى لكنها تبقى سفارة تحمّل السفير رسالة وتوجب عليه إيصالها لمجتمعه.
حين نسافر لدولة أخرى أو حتى بمجتمعنا ومحيطه حين نذهب لمنطقة أخرى ويسألنا أحدهم من أي منطقة أنت وإلى أي انتماء تنتمي فلنعلم أنه يسأل؛ إلى أي سفارة نحن نؤدي رسالتها.
قد يُطلق البعض بعض التعميمات غير العادلة على بعض المناطق ويفرضها وكأنها قانون مسّلم فيه بعدم تغيير النظرة إليه، لأن هناك سفراء خالفوا قانون السفارة لتلك المنطقة وعكسوا السلبية التي كانوا يمثلون فيها أنفسهم لا منطقتهم، فمن الخطأ أن نعمم تصرفًا شخصيًا على كل المنطقة، أو ربما لم يكون الحكام حكامًا عادلين بالحكم والوصف والانتقاد.
دعوني أضع محبوبتي العوامية بموضع المثال وسأقف موقف الحياد ولن أحابي فيها؛ حين تسأل أحدهم لما لا تذهب للعوامية فيرد أنه يخاف! ولم تخاف؟ فربما يجيب بأن أهلها أصحاب مشاكل مما يدعو لخوف الناس منهم، لاحظوا أن البعض يخاف دون أي تجربة شخصية فقط مما يصله من كلام حتى لو كان الكلام المعمم لا ينتمي للصحة أبدًا.
من الواقع أتحدث للآن هناك أناس يعدون العوامية منطقة محظورة لا يمكن المرور منها والتوصيل لها، رغم خلوها من أي توهم يتصورونه عنها.
نعم هناك من تكون سفارته قد أعلنت انتهاء صلاحيتها حين يكون الفرد سفير نفسه وتوجاهته التي تكون مائلة.
وبكل مكان وليس بالعوامية فقط هناك من يعكس السيئ ويسيء لمنطقته وانتمائه.
وبالمناسبة أجد أن إنجازات بني العوامية على الصعيد العلمي والمعرفي في إنجازات أبنائها وبناتها والمبادرات التطوعية السباقة لها نصيب الأسد بين المناطق.
لكن مشكلتنا قد لا ننظر لإنجاز وتكريم عالمي مشرّف لصاحبه ومجتمعه، وتُلهينا مشاكل الشارع، المشكلة بالنظرة السلبية التي تبحث عن العيوب لا المزايا والامتيازات، والنظرة تكون مضخمة في العيوب ومصغرة للإنجازات.
بالطبع ليس هناك مجتمع كامل فلا يخلو مجتمع من السلبيات وأنا لا أنكر وجودها، وإلا لما احتجنا إلى الأنبياء والأوصياء وسفرائهم العلماء.
صحيح أنه يتوجب أن يكون السفير ذا معرفة واسعة ليكون واجهة براقة عن ولائه وانتمائه، لكن حتى لو كان يملك معرفة بسيطة يستطيع أن يكون سفيرًا ممتازًا حين يوصل الرسالة التي اُهديت له دون زيادة ولا نقصان.
قانون السفارة رسمه لنا مولانا جعفر الصادق (ع) حين قال: “كونوا لنا زينًا ولا تكونوا علينا شينًا”، قد يتصرف البعض بحرية شخصية حسب ما يطلقون عليه وميل للأهواء والرغبات الدنيوية، ولكن لا يعلم أن البعض ينظر لتلك الحرية الشخصية لبعض التصرفات ويعلقها كتهمة وعار على منتمي هذا المذهب.
إمامنا الصادق (ع) يقول لأحد مواليه: “إن الحسن من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كل أحد قبيح وإنه منك أقبح”.
وتقول السيدة الزهراء (س) في خطبتها الفدكية: “طاعتنا نظاماً للملة وإمامتنا أمانًا من الفرقة”.
من المؤسف أن نرى البعض لا يلتزم ولا يتعاون مع خدّمة الحسين في تنظيم المآتم ولا يسير بانتظام وترى البعض يتكدس بالخروج وهمه الوصول أولًا متناسيًا الضغط الحاصل على المآتم وأمنية إنجاح الموسم الحسيني بنظام وترتيب دون أي خسائر مادية ومعنوية.
الانتماء لمذهب الولاية، الانتماء للخدمة الحسينية، الانتماء لذرية رسول الله (ص) وشرف الانتساب له، وحتى الانتماء لمعزيّ الزهراء (ع) كلها مواضع شرف لكن تتضمنها مسؤوليات تكون ذات خاصية مضاعفة، لا حضور فيها للحرية الشخصية لتكون السفارة رسالية تُرسل الرسالة دون أي تشوهات تعكر صفو حروفها.
وفي هذه الأيام حين نتحدث عن السفارة فسفير الحسين مسلم ابن عقيل (ع) خير مثال يُحتذى به، السفير الذي وصفه الحسين بأنه ثقته.
فهل نستطيع أن نحصل على ثقة الحسين (ع) وحفيد الحسين (عج) بحُسن ما لدينا لنكون خير سفراء نوصل للعالم رسالة وصلت لنا بعد فيضان من الدماء الزاكية؟