أرى جيشًا على مد البصر
كأنهم أعجاز نخل منقعر
بسيوفهم نحو الإمام زحفوا
جيش لقتل الحسين قد حضر
ورثوا الأحقاد عن آبائهم
فأصبحوا أشد قسوة من الحجر
وقلبه الحنون عليهم تألم
بأنهم لقتله سيصلون نار سقر
ونادى على ما تقاتلوني
فصمتوا، ولم يأتِ منهم الخبر
فجاءت رسائلهم أسهمًا
ونزلت عليه مثل رش المطر
فهوى الحسين من مهره
فكم سهم في جسده تكسر
فضم الثرى تحت خده
ونحو الخيامي أطال النظر
عيناه على زينب وصغار
خوف عليهم من بَطْش الشمر
فجاء له مسرعًا بسيفه
ومن القفا صار يحز النحر
يضربه بالبتار بكل قوة
وصار يذبح الإمام من الظَّهر
ورفع الرأس الشريف
على السمهري، فشع نورٌ وأزهر
وظلَّ جسده على الثرى
يرتل سورة العاديات والعصر
مسلوب الرداء بلا كفن
فأصبح كفنه حرير الهواء والحر
فبكى الماء عليه حسرة
وعلى ثغره الظمآن مات النهر
وأوجعُ قلب زينب إذ رأت
الخيل تعدو على أطهر صدر
فعشرة سحقت ضلوعه
وعشرة سحقت ضلوع القمر
حتى صبغت حوافرها بدمه
ووزعت في كربلاء رائحة العطر
وكذا سهم شق الأثير
وهَوَى في نحر الرضيع واكبر
وله ابن قُطعت اوصاله
أشبهُ بالنبي خَلْقاً وخُلُقاً والمنظر
وعريسًا يزف بيوم زفافه
بين صليل السيوف وصهيل الأبهر
وأخًا افتدى أخاه بروحه
فمن بعده مال الجيش والعسكر
فما بال القوم قد جهلوا
وأنكروا حق محمد خير البشر
فبضعة النبوة هي أمه
وأباه قسيم النار وساقي الكوثر
وأرادوا اخفاء الجريمة ولكن
زينب كتبت الحقيقة بدم أحمر
ليبقى الحسين فينا مخلدًا
فنحرٌ على السيوف قد انتصر