وعاد عاشور..

مَا لِي كَئِيْبٌ ضَجِرٌ مُؤَلَّمُ؟
هَلْ جِئْتَ فِي حُزْنِكَ يَا مُحَرَّمُ؟
مَاذَا أَفَاقَ لِي أَنِيْنًا وَبُكَا؟
يَا حُزْنُنَا… هَلْ رَجَعَتْ عَشْرَتُكَا؟
قَدْ كَانَ ظَنِّي أَنَّهُ غَادَرَنِي
إِذْ مَلَّ دَمْعَ لَوعَتِى وَالْحَزَنِ
وَإِذْ بِهِ يَهْمِسُ لِي فِي الْفَجْرِ
قُمْ نَنْدُبَ الْحُسَيْنَ كُلَّ الْعَشْرِ
إِنْ كُنْتَ مَحْزُونًا فَكَيْفَ تَرْقُدُ؟
هَلَّا بَكَيْنَا مَنْ بَكَاهُ أَحْمَدُ؟
فَكُلُّ عَيْنٍ لِمُحِبٍّ قَدْ هَمَتْ
عَلَى مَصَارعٍ بِأَرْوَاحٍ قَدْ سَمَتْ
قَدْ فَرَّ مِنِّي الصَّبْرُ إِذْ حُزْنِي غَلَا
عَلَى الْحُسَيْنِ شَيْخِ قَتْلَى كَرْبَلَا
فِيْ كَرْبَلَا مَصَائِبٌ تُدْهِشُنِي
فِيْ كَرْبَلَا مَجَازِرٌ تُفْجِعُنِي
فَكَرْبَلَا تُذْهِلُ لُبَّ العَاقِلِ
وَكَرْبَلَا تُفْطِرُ قَلْبَ الْبَاسِلِ
مِنْ أَيْنَ يَبْدَأُ الْأَسَى فِي كَرْبَلَا؟
وَأَيْنَ يَنْتَهِي؟ فَكُلُّهَا بَلَا
لَا عِلْمَ لِي هَذَا البُكَا مَاذَا عَلَى
مَا قَبْلَهَا؟ أَثْنَاءَهَا؟ أَو مَا تَلَى؟
فَمَا الَّذِي يُحْزِنُنِي بِالضَّبْطِ
وَمَا الَّذِي يُؤْلُمُنِي فِي نَبْطِي؟
هَلْ نَثْرُ أَعْضَاءٍ بَقَتْ فَوقَ الثَّرَى؟
كَزَهْرِ رَوضٍ ذَابِلٍ مَا أَزْهَرَ
هَذَا وَذَاكَ رَأْسُهُ مَقْطُوعُ
رَمْزُ فِدًى عَلَى الْقَنَا مَرْفُوعُ
نَحْرُ رَضِيْعٍ فِي قِمَاطٍ يَرْضَعُ؟
وَحُضْنُ أُمٍّ مَهْدُهُ وَالْمَرْتَعُ
مَا كَانَ فِي حَرْبٍ وَلَا بِمَقْتَلَةْ
وَمَاتَ ظَامِئًا بِسَهْمِ حَرْمَلَةْ
جَلْسَةُ شُمْرٍ فَوقَ صَدْرِ الطَّاهْرِ؟
أَمْ رَضُّهُ بخَيْلِ بَاغٍ غَادِرِ؟
تَطْحَنُ أَضْلَاعَ الْإِمَامِ الْخَيْلُ
وَيْلِي وَهَلْ يُرِيْحُنِي ذَا الْوَيْلُ؟
يَا لَوعَتِي..ذَبْحُ الحُسَيْنِ السِّبْطِ
رَيْحَانَةٌ يَشُمُّها خَيْرُ الرَّهْطِ
مَا جَاءَ كِيْ يَمُوْتَ أَوْ يُبْتَلَى
وَلَا أَرَادَ فِتْنَةً أَو مَحْفَلَا
وَلَكِنِ الْقَومُ أَرَادُوا مَغْرَمَا
يَا وَيْلُهُمْ فَالْحُقْدُ فِيْهِمْ قَدْ نَمَا
يَومِ بَدْرٍ وَبَقَى حِقْدًا قَدِيْمْ
وَجَاءَ يَومَ كَرْبَلَا ثَأْرًا مُنِيْمْ
دَهْشَةُ زَيْنَبٍ بِأَرْضِ الطَّفِّ؟
أَسِبْطُ أَحْمَدٍ قَضَى بِهَذَا الْعُنْفِ؟
هَلْ ذُلُّ نِسْوَانٍ بِحُقْدٍ ثَابِتِ؟
أَمْ سَوقُهَا إِلَى عَدُوٍّ شَامِتِ؟
وَهَلْ حَفِيْدَةُ النَّبيِّ الْهَاشِمِي
تُسْبَى؟ وَفِي مَجْلِسِ خَصْمٍ ظَالِمِ؟
هَلْ رَوعُ أَطْفَالٍ بِبَطْشٍ حَاقِدِ
ذُهُولُهُمْ مِنْ جُرْمِ وَغْدٍ فَاسِدِ؟
أَيْنَ الدَّلَالُ وَالْحِمَى؟ أَيْنَ مَضَى
وَأَيْنَ ذَاكَ الْعِزُّ يَا تُرَى؟ أَيْنَ قَضَى؟
هَذِا يَسِيرٌ مِنْ رَزَايَا كَرْبَلَا
مَنْ يَقُولُ مَا دَرَى أَو قَدْ سَلَا
أَيُّ الرَّزَايَا يَا بُكًا تُثِيْرُكَا
وَاحِدَةٌ؟ أَمْ كُلُّهُا تُهِيْجُكَا؟
فَابْشُرْ بِسَعْدٍ يَا بُكًا فِي الْعَشْرِ
وَمَا بَقَى مِنْ عِدَّةٍ فِي الْعُمْرِ
ففِيْ بُكَائِنَا عَزَاءٌ لِلْهُدَى
وَفِي صُرَاخِنَا نِدَاءٌ لِلْفِدَا
لَكِنْ سُؤالٌ يَا بُكًا حَيَّرَنِي
حِيْنَ أَرَى جُمُوعَنَا يَحْضُرُنِي
”هَيْهَاتُ مِنَّي ذِلَّةٌ“ قَدْ قَالَهَا
فَاصِلَةً… مَنْ يَا تُرَى أَهْلٌ لَهَا؟
مَا قَالَهَا ”الشَّهِيْدُ“ كَيّ نَلْهُو بِهَا
بَلْ آيَةٌ أَرْوَاحُنَا تَسْمُو بِهَا
__________
* نشرت من قبل بعنوان “فجر عاشور”.



error: المحتوي محمي