“أحيانًا تكون الحقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء ولكننا نختار أن نغمض أعيننا معتقدين أننا لدينا عصا سحرية لديها القدرة على تغيير واقع الأشياء ناسين أنه من شب على شيء شاب عليه”.
هذا ما قالته لي وهي تحاول إخفاء الدموع المتغرغرة داخل عينيها، سألتها وما الذي تغير بعد كل هذه السنوات؟ أجابت لا شيء ولكني لم أعد أستطيع التمثيل والتظاهر بالعمى، لم أعد أحتمل أن أشعر بوحدة ووحدتي نوعها مختلف يا صديقتي فالوحدة كما تعلمين أنواع؛ فهناك من يشعر بالوحدة لأنه لا أهل له ولا أصدقاء ولكن أنا أشعر بالوحدة بالرغم من وجود هؤلاء حولي ولكن ليس هناك من أتحدث معه ويشاركني أفكاري والمواضيع التي تجذبني كل غارق في عالمه وأنا لا ألومهم فالحياة مشاغل! أحيانًا ألوم نفسي فكل شيء كان باختياري غير أني ربما لم أكن ناضجة بما يكفي عندما اتخذت قراراتي في هذه الحياة!
أحيانًا الوحدة تسكن قلوبنا لأن هناك فراغاً بداخلنا نريد أن نملأه ولكننا لا نعرف بماذا! لأننا لا نعلم إلى أين نريد الوصول وهل هناك من يستحق أن يكون معنا حيث نريد! هل هم حقيقيون أم أن جميعهم أوراق خريف يتساقطون واحداً تلو الآخر؟
أسندت رقبتها على كتفي وصمتت لم أشأ أن أقاطع صمتها لأن حرارة دموعها على يدي كانت تحكي كل آلامها؛ فأنا أعتقد أن الصمت لغة أيضًا يجب أن نحترمها.
فالصمت بالرغم من سهولته إلا أنه أشد ثقلاً من الكلام لا وبل أشد إرهاقاً منه والوحدة تكمن في الشعور وليست في الوجود بمعنى أنه قد يكون حولك العديد من البشر ولكن لا أحد منهم قادر على احتواء مشاعرك وأحيانًا يكون معك شخص واحد أو حتى تكون بمفردك ولكن مشاعرك محتواة.
فالمسألة يا صديقتي تعتمد على حسن الاختيار أو دعنا نقول اختيار الأرواح المتآلفة ولن أقول المتشابهة لأن أرواحنا قد تتآلف مع من يختلف عنها. صديقتي نحن في أي علاقة نبحث عن الشعور بالأمان بالطمأنينة والأهم من ذلك كله الاحترام ثم تأتي باقي الأشياء تباعاً، صدقيني مع مرور الأيام نكبر وننضج وحتى نظرتنا للمشاعر تتغير ونبحث عمن يشبه دواخلنا.
يقول أحدهم: “نحن مدينون بالحب لكل من جعلنا نبصر شيئاً جميلاً في أنفُسنا حين أوشكنا على الإطفاء”. نعم نحن ندين للأفعال للكلام للمشاعر لأنها انتشلتنا من الغرق، من الضياع.