الأخ الوفيّ والصّديق المُخلص والخادم للشريعةِ جناب الشيخ أمين أبو تاكي رحمه الله و تغمّده بواسع المغفرة و الرّحمة و حشره مع أوليائه الطاهرين عليهم السّلام ..
كُنتُ بالأمس أكتُبُ لك ما تطلب و تقترح في مدح و رثاء العترة الطاهرة عليهم السَّلام و اليوم أكتُبُ فيكَ مقطوعةً من الرّثاء ، حيث وافانا نبأ رحيلك و أفجعنا في هذا اليوم الأربعاء السابع عشر من شهر ذي الحجّة لعام ١٤٤٢ و أنت بجوار مولانا الرّضا عليه السّلام و قد عزَّ علينا فراقُك و رحيلُك و لكن الأمر و المرجع لله و إنّه لخطبٌ جلل آلم قُلوبنا و أحزننا فإنا لله و إنّا إليه راجعون و هنيئا لك هذه الخاتمة و بقربِ مشهد مولانا الإمام الرّؤوف ضامن الجنان عليه السّلام ،
أمضيتم رحلة طويلة سطّرتم فيها جوانب العشق و الولاء لسادة الخلق عليهم السّلام و خدمتم فيها العلم و العلماء و كُنت ذا قلبٍ طاهر نقي ، و ستبقى تسجيلاتك الوافرة شاهدةً على ولائك الصّادق
و روحك الطّيبة ، كُنتَ ذاكرا لنا و لكلّ الأحبةِ عند المراقد الشّريفة الطاهرة ، و كُنتَ مُحرّكا للأقلام الولائية برسائلك الودّيّة لشعراء العترة الطاهرة ، و كان لك النّصيب الوافر من الأجر و الثّواب ، و بكلّ ذلك أعددت زادك ليوم المعاد ..
تخنقني العبرة و تتّقد الجمرة لرحيلك أيّها الشيخ الجليل أبا علي
و مهما كتبنا فلسنا نوفيك حقَّك ، تفضّلتم علينا كثيرا ، و نقلتم الكثير من مشاركات الإخوة الشّعراء و الفوائد القيّمة للعلماء فجزاك الله خير جزاء المُحسنين ، بقربِ إمام عظيم وفدتَ على رَبٍّ كريم رحيم
عرَّفَ الله بينك و بين أوليائك الطاهرين في مستقرِّ دار رحمته إنَّهُ أرحمُ الرّاحمين و صلّى الله على خير خلقه و عترته الغُرّ الطاهرين .
كتبتُ هذه القصيدة و مزجتُها بدموعِ مُقلتيَّ الحزينتين لرحيلِك
و فقدِكَ ، مختصراً سيرتك و مزاياك
و معتصراً بمرارة خطبِك الجلَل ..
رحيلُ سماحةِ الشّيخ الجليل العالِم العامِل ( أمين أبوتاكي ) خسارةٌ فادحة …
خبرٌ دهانا فجرَ يَوْمِ الأربعا
قَبْلَ الغديرِ و قد وهانا أجمَعا
خطبٌ و ما في البالِ أن يأتي لنا
لكنَّهُ مُذ جَاءَ مَضَّ و أوجعا
نبَأٌ نعى الشَّيخَ الأمينَ أخالُهُ
بالحُزنِ قد صدَعَ القُلوبَ و أفجَعا
لرحيلِ صاحبِنا الأمينِ و شيخِنا
لا غروَ أن نِجري عليهِ الأدمُعا
بجوارِ مَولانا الرَّؤُوفِ بمشهَدٍ
فاضتْ هُنالِكَ رُوحُهُ و استُودِعا
مِن بَعْدِ ما قاسى وباءً فاتِكاً
و على فراشِ السُّقمِ كانَ مُوَدِّعا
فتكَ الوباءُ بهِ و قد جَاءَ النِّدا
برحيلِهِ و لنا جميعاً صَدَّعا
و كأنَّما شاءَ القضاءُ بغُربَةٍ
يقضي و ما لأحِبَّةٍ أن يرجِعا
يا أيُّها الشَّيخُ الجليلُ و أنتَ مَن
خدَمَ الهُداةَ و في الودادِ توسَّعا
يا طالباً للعِلم أدَّى دَورَهُ
بأتَمِّ وجهٍ دُونَ أن يتضعضَعا
ما بينَ حَوزاتٍ و بينَ مشاهدٍ
و منابرٍ حفِظَتْ لشخصِكَ مَوضِعا
و بكُلِّ ذلكَ قد حباكَ إلهُنا
عَوناً و توفيقاً و خيراً مُمرِعا
و لَئن تعجَّلتَ الرَّحيلَ فهذهِ
مُقَلٌ بها دمعُ الفِراقِ تدفَّعا
و لسوفَ يسقيكَ الأميرُ بكفِّهِ
يَوْمَ النُّشورِ و لستَ تلقى مفزَعا
و لسوفَ يحضرُكَ الرِّضا بمواطنٍ
و تجوزُ بالمَولى صراطَكَ مُسرِعا
أنَّى تخافُ و أنتَ ضِمنَ عِنايةٍ
و يجيئُكَ السِّبطُ الحُسينُ لِيشفَعا
و لسوفَ تسكنُ في جِوارِ المُصطفى
و فُؤادُ مِثلِكَ لن يكونَ مُرَوَّعا
كُن مُطمَئناً فالهُداةُ غداً ترى
بهِمُ نعِيماً لم يكُن مُتَقَطِّعا
ربِحَتْ تجارَتُكَ التي أعددتَّها
و رَجوتَ منها بعد فقدِكَ مَنفَعا
واسيتَ غُربةَ مَن قصدتَ لَهُ و قد
شاءَ الإلهُ بأن تَرى لَكَ مضجَعا
بجوارِهِ و هو الرَّؤُوفُ بزائرٍ
و بكُلِّ ضيفٍ جاءَهُ أو ودَّعا
و حمَلتَ أهلَكَ و البنينَ تزورُهُ
رغمَ الظُّروفِ و لم تكُن مُتمَنِّعا
تأتي الإمامَ و كُنتَ تتلو عندَهُ
أبيات شُوقِ المُؤمنينَ و مَن دعا
ربَّ العِبادِ بأن يكونَ مُوفَّقاً
لزيارةِ المَولى و صَوتُكَ أسمَعا
قد كُنتَ بالشُّعراءِ مُتَّصلاً ترى
أن يكتبوا في الآلِ شِعراً أروعا
قد كُنتَ تعشَقُ آلَ بيتِ المُصطفى
و تُحِبُّ مَن يرثي و يمدَحُهم معا
صُوَرٌ مَعَ العُلماءِ كُنتَ أخذتَها
و كتبتَ عنهم ما يُفيدُ لِمَن وعى
و لكَم كتبتَ فوائداً و نشرتَها
لِلمُؤمنينَ و كُنتَ أروعَ مَن سعى
لِإفادةٍ إذ كُنتَ مُقتَنِصاً لها
و مُدَوِّناً و مُؤرِّخاً مُتَتَبِّعا
كُنَّا نُؤَمِّلُ أن نراكَ مُؤلِّفاً
و لِكُلِّ ما دوَّنتَهُ أن تَجمَعا
و نرى كتاباً نافِعاً لجنابِكم
لو كانَ أُكمِلَ كانَ ذلكَ مُمتِعا
لكنَّما الأقدار حالت دُونَ ذا
و لَواكَ داءٌ للمنونِ و أخضَعا
وارَوكَ يا شيخَ التُّقى مَلحُودةً
ما كانَ جسمُكَ بالعراءِ مُبَضَّعا
أسَفي على المَولى الحُسينِ و قد عدَت
خيلُ الطُّغاةِ عليهِ تطحَنُ أضلُعا
و لئن تحيَّرتِ العِيالُ بفقدِكم
في غُربةٍ لكنَّها لن تهلَعا
بهُجومِ أعداءٍ لِئامٍ أحرقُوا
تلكَ الخيامَ و ما لها أحَدٌ رعى
بل سيَّروها فَوْقَ أقتابِ المُطا
و السَّوطُ فَوْقَ رُؤُوسِها قد قنَّعا .